رءوسهم ، فإن اجتمع خمسة وأبى واحد فاشدخ رأسه بالسيف ، وإن اتّفق أربعة وأبى اثنان فاضرب رءوسهما ، وإن رضي ثلاثة رجلاً وثلاثة رجلاً ، فحكّموا عبد الله بن عمر ؛ فإن لم يرضوا بحكم عبد الله بن عمر ، فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف واقتلوا الباقين إن رغبوا عمّا اجتمع فيه الناس. (١)
وعلى هذه السيرة جرى أصحاب السياسة بعد حياة الرسول ولم يكن عندهم أيّ رؤى في تعيين الخليفة لا بالشورى ولا ببيعة أهل الحل والعقد ، بل كان التنصيص عندهم هو الطريق الوحيد ، لكن لا من الله سبحانه بل من جانب الخليفة الذي كان يلفظ أنفاسه الأخيرة.
٣. روى المؤرخون انّه لما اغتيل عمر بن الخطاب وأحسّ بالموت ، أرسل ابنه عبد الله إلى عائشة واستأذن منها أن يدفن في بيتها مع رسول الله ومع أبي بكر ، فأتاها عبد الله ، فأعلمها ، فقالت : نعم وكرامة ، ثمّ قالت : يا بُني ، أبلغ عمر سلامي وقل له ، لا تدع أُمّة محمد بلا راع ، استخلف عليهم ، ولا تدعهم بعدك هملا ، فانّي أخشى عليهم الفتنة ، فأتاه فأعلمه. (٢)
٤. انّ عبد الله بن عمر دخل على أبيه قبيل وفاته فقال : إنّي سمعت الناس يقولون مقالة ، فآليت أن أقولها لك ، وزعموا انّك غير مستخلف وانّه لو كان لك راعي إبل أو غنم ثمّ جاءك وتركها لرأيت ان قد ضيّع فرعاية الناس أشد. (٣)
٥. قدم معاوية المدينة لأخذ البيعة من أهلها لابنه يزيد ، فاجتمع مع عدّة من الصحابة ، وأرسل إلى عبد الله بن عمر فأتاه وخلا به ، وكلمه بكلام ، وقال : انّي كرهت أن أدع أُمّة محمد بعدي كالضأن لا راعي لها. (٤)
__________________
(١) الكامل في التاريخ : ٣ / ٣٥.
(٢) الإمامة والسياسة : ١ / ٣٢.
(٣) حلية الأولياء : ١ / ٤٤.
(٤) الإمامة والسياسة : ١ / ١٦٨.