للزوم الإمساك عنه.
ثمّ إنّه يُستشفّ من هذا الكلام أنّ الدماء التي أُريقت في وقائع الجمل وصفين والنهروان ، كانت قد سُفكت بغير حق ، وهذا ـ وأيم الحق ـ عين النصب ، وقضاء بالباطل ، وإلاّ فأي ضمير حرّ يحكم بأنّ قتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، كان قتالاً بغير حقّ؟! وكلّنا يعلم أنّ أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ كان على بيّنة من ربّه وبصيرة من دينه ، يدور معه الحقّ حيثما دار ، وهو الذي يقول : «والله لو أُعطيتُ الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصيَ اللهَ في نملة أسلبُها جِلْبَ شعيرة ما فعلتُ».
ما هذا التجنّي أمام الحقائق الواضحة؟!
أو ليس العزوف عن نقد الصحابة تكريساً للأخطاء ، وإيغالاً في التقديس؟!
أو ليس تنزيه الصحابة جميعاً تنكّراً للطبيعة البشرية.
إنّ النقد الموضوعي تعزيز لجبهة الحق ، وتمييز الخبيث من الطيّب ، والمبطل عن المحق قال سبحانه : (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ). (١)
ولو كان الكفّ عمّا اقترفوا أمراً واجباً فلما ذا خرق النبي هذا الستر وأخبر عن رجوعهم عن الطريق المهيع.
وهذا هو الإمام البخاري يروي روايات كثيرة حول ارتداد بعض الصحابة بعد رحيل النبي ، نكتفي بواحدة منها.
إنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قال : بينما أنا قائم على الحوض إذا زمرة حتّى إذا
__________________
(١) آل عمران : ١٧٩.