الآية السابقة.
وأمّا الأنصار فإنّما تثني على من تمتّع منهم بالصفات التالية :
أ. (تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي آمنوا بالله ورسوله ، فخرج بذلك من اتّهم بالنّفاق وكان في الواقع منافقاً.
ب. (يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا).
ج. (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ).
وبما انّ من أبرز صفاتهم ، هو إيواء المهاجرين والأنصار وإيثارهم على الأنفس ، فيكون المراد من آمنوا بالنبيّ وآووه وآووا المهاجرين ، فينطبق على من آمن وآوى قبل غزوة بدر لانتفاء الإيواء بعدها خصوصاً بعد إجلاء «بني قينقاع» غبَّ معركة «بدر» حيث خرجوا من قلاعهم وأموالهم وأسلحتهم ، تاركين جميع ذلك للمسلمين. فينطبق على السابقين الأوّلين من الأنصار في الآية السابقة.
وأمّا التابعون لهم ، أعني : الذين جاءوا من بعدهم فإنّما أثنى على من تمتع منهم بالصفات التالية :
أ. (يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ).
ب. (وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا).
فالعلائم المذكورة للطائفة الثالثة ، كناية عن الاتّباع بإحسان الذي ورد في الآية الأُولى ، فتنطبق على التابعين فيها.
فظهر انّ الآيات الواردة في سورة الحشر ، تتّحد مضموناً مع ما ورد في سورة التوبة ولا تختلف عنها قيد شعرة.
فالاستدلال بهذه الآيات وما تقدّمها على أنّ القرآن أثنى على الصحابة جميعهم من أوّلهم إلى آخرهم ـ الذين ربّما جاوز عددهم المائة ألف ـ غفلة عن