.................................................................................................
______________________________________________________
الاجتناب عنه انما يكون بجعل مستقل في عرض دليل وجوب الاجتناب عن نفس النجس ، ولا يتكفل الأمر بهجر الرجز لحكم ملاقيه لا مطابقة ولا تضمنا ولا التزاما فالملاقي والملاقى موضوعان مستقلان ، ولكل منهما إطاعة ومعصية تخصه ، وانما يكون الملاقاة واسطة ثبوتية لحدوث فرد آخر تعبدي من النجاسة أجنبي عن نجاسة الأصل ، نظير وساطة الغليان لحدوث نجاسة العصير ، ووساطة التغير لانفعال الماء ، فلو لم يثبت هذا التعبد الشرعي بالنسبة إلى الملاقي لم يكن وجه لوجوب الاجتناب عنه ، لعدم الدليل عليه بعدم قصور دليل وجوب هجر النجس عن شموله له.
هذا في ملاقي النجس المعلوم تفصيلا أو ما بحكمه. وأما ملاقي بعض أطراف النجس المعلوم بالإجمال ، كما لو علم إجمالا بنجاسة أحد الإناءين ولاقى إناء ثالث أحدهما فيلزم الاجتناب عنه بناء على السراية دون التعبد ، توضيحه : أن خطاب «اجتنب عن النجس» الدائر بين الطرفين قد تنجز بالعلم الإجمالي ، والاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية ، وهي لا تتحقق إلّا بالاجتناب عن الأصليين والملاقي لأحدهما ، لوحدة المتلاقيين حكما ، حيث ان الملاقاة بمنزلة تقسيم ما في أحد المشتبهين وجعله في إناءين ، فتتسع دائرة الملاقي ، فالملاقى والملاقي معا طرف واحد للعلم الإجمالي ، والإناء الآخر طرف آخر له ، فيجب الاجتناب عن مجموع الثلاثة ، إذ القائل بالسراية يدعي دلالة نفس دليل وجوب الاجتناب عن النجس على الاجتناب عنه وعن ملاقيه بوزان واحد ، لفرض أنهما بمنزلة نجس واحد انقسم إلى قسمين ، فلو كان الملاقى هو النجس الواقعي توقف العلم بهجره على الاجتناب عنه وعن ملاقيه ، كما يتوقف العلم بامتثال خطاب «اجتنب عن النجس» على الاجتناب عن طرف الملاقى أيضا ، بداهة أن الفراغ اليقيني عن وجوب الاجتناب عن النجس المعلوم المردد لا يحصل إلّا بذلك ، هذا كله بناء على السراية.