.................................................................................................
______________________________________________________
على اجتنابه أيضا ظهر : أنه لا وجه لتوهم اقتضاء نفس دليل وجوب الاجتناب عن النجس لوجوب الاجتناب عن ملاقيه ، بدعوى أن الملاقي من شئون الملاقى.
وغرضه من هذا الكلام الإشارة إلى القول الآخر في المسألة ـ وهو وجوب الاجتناب عن ملاقي بعض أطراف الشبهة المبني على السراية ، وقد عرفت معنى السراية والتعبد ـ قال شيخنا الأعظم : «ولذا استدل السيد أبو المكارم في الغنية على تنجس الماء القليل بملاقاة النجاسة بما دل على وجوب هجر النجاسات في قوله تعالى : والرجز فاهجر. ويدل عليه أيضا ما في بعض الاخبار من الاستدلال على حرمة الطعام الّذي مات فيه فأرة بأن الله سبحانه حرم الميتة ، فإذا حكم الشارع بوجوب هجر كل واحد من المشتبهين (*) فقد حكم بوجوب هجر كل ما لاقاه ....».
ومحصل التوهم : دعوى الملازمة بين المتلاقيين في الحكم. وقد أفيد في وجهه أمران : أحدهما ظهور الآية الشريفة في الملازمة بين وجوب هجر عين النجس والاجتناب عنه وبين وجوب هجر ما يلاقيه ، ولو لا هذا الظهور لم يتجه استدلال السيد أبي المكارم قدسسره ـ على انفعال الماء القليل بملاقاة النجاسة ووجوب الاجتناب عنه ـ بالآية الشريفة ، وجه الظهور : لزوم هجر النجس بتمام شئونه وتوابعه ، ومن توابعه ملاقيه ، فيجب هجره أيضا.
ثانيهما : رواية جابر الجعفي عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : «أتاه رجل
__________________
(*) لا يخلو من مسامحة ظاهرة ، فان موضوع حكم الشارع بوجوب هجره هو عين النجس الواقعي المعلوم بالإجمال. وأما أطراف الشبهة فلا حكم للشارع فيها أصلا ، وانما هو حكم العقل بلزوم رعاية احتمال التكليف المنجز في كل واحد من الأطراف تحصيلا للعلم بالامتثال كما لا يخفى.