.................................................................................................
______________________________________________________
فقال : وقعت فأرة في خابية فيها سمن أو زيت ، فما ترى في أكله؟ قال : فقال أبو جعفر عليهالسلام : لا تأكله ، فقال له الرّجل : الفأرة أهون عليّ من أن أترك طعامي من أجلها ، فقال عليهالسلام : انك لم تستخف بالفأرة وانما استخففت بدينك ، ان الله حرم الميتة من كل شيء» (١) وتقريب دلالتها على المدعى ـ أعني به كون نجاسة الملاقي للميتة عين نجاسة الميتة وحرمته عين حرمتها ـ هو : أن الإمام عليهالسلام علل حرمة أكل السمن الملاقي للميتة بقوله : «ان الله حرم الميتة من كل شيء» فلو لا تمامية الكبرى وتسلمها وهي استلزام تحريم الشيء ووجوب الاجتناب عنه لتحريم ملاقيه ووجوب الاجتناب عنه أيضا لم يكن لهذا التعليل وجه ، ضرورة أن أكل الطعام الملاقي للميتة ليس استخفافا بتحريم الميتة ، بل هو استخفاف بحرمة أكل ملاقي الميتة الثابت بدليل آخر ، فالتعليل بحرمة الميتة لا يتجه إلّا بكون حرمة ملاقي الميتة هي حرمة نفس الميتة.
وقد تحصل : أن مقتضى هذا الوجه ـ أعني السراية واتساع الموضوع هو نجاسة الملاقي. وعليه فلا بد من الاجتناب عن ملاقي بعض أطراف الشبهة المحصورة ، لتبعية الملاقي للملاقى كتبعية ولد العالم للعالم وكون إكرامه من شئون إكرامه ، فإكرامه كما هو حقه لا يتحقق إلّا بإكرام ولده ، بل ما نحن فيه أعني السراية أولى من التبعية كما لا يخفى.
إلّا أن كلا هذين الأمرين ممنوع. أما الأول ، فلأن «الرجز» بالضم والكسر بمعنى واحد ، وهو القذر والرجس والنجس ، وقد جاء بمعنى وسوسة الشيطان في قوله تعالى : «ونزعنا عنهم رجز الشيطان» وبمعنى العذاب في قوله : «فلما كشفنا عنهم الرجز» وأيّا ما كان معناه في الآية المستدل بها فهو غير ظاهر في حكم
__________________
(١) الوسائل ، ج ١ ، الباب ٥ من أبواب الماء المضاف والمستعمل ، الحديث : ٢ ص ١٤٩