بناء (١) على ما ذهب إليه المشهور من العدلية من تبعية الا وامر والنواهي للمصالح والمفاسد في المأمور بها والمنهي عنها ، وكون (٢)
______________________________________________________
جزئية شيء له مع العلم بعدم إضرار ، فتركه المريض مع تمكنه منه فانه مستحق للّوم ، ثم أجاب عنه ... إلى أن قال : «فان قلت : ان الأوامر الشرعية كلها من هذا القبيل ، لابتنائها على مصالح في المأمور به ، فالمصلحة فيها اما من قبيل العنوان في المأمور به أو من قبيل الغرض ، وبتقرير آخر : ان المشهور بين العدلية ان الواجبات الشرعية انما وجبت لكونها ألطافا في الواجبات العقلية ...».
(١) وأما بناء على حصول الغرض بنفس الأمر لا بفعل المأمور به وترك المنهي عنه ، فلا موجب للاحتياط حينئذ ، للعلم بحصول الغرض بمجرد إنشاء الأمر.
(٢) بالجر معطوف على قوله : «تبعية» وحاصله : أن الواجبات الشرعية تقرّب العباد إلى الواجبات العقلية وهي المقرّبة إليه جل وعلا ، فان التنزه عن القبائح تخلية للنفس عن الرذائل ، وفعل الواجبات تكملة وتحلية لها بالفضائل ، كما يرشد إليه قوله تعالى : «أقم الصلاة ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر» و «انما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر» فالواجب تحصيل اللطف ، وهو يتوقف على الإتيان بالأكثر ، لأنه محصل له قطعا بخلاف الأقل ، فانه يشك معه في تحقق تلك الواجبات العقلية ، فلا وجه للاقتصار عليه.
ثم ان المصلحة الكامنة في الفعل اما أن تكون من قبيل العنوان والوجه للمأمور به كالطهور المطلوب حقيقة من الأمر بإزالة الحدث بالغسل والوضوء الرافعين له ، فيتعلق الأمر بنفس العنوان ، فيقول المولى : «تطهر» ، واما أن تكون من قبيل الغرض من الأمر به أي المترتب على المأمور به ، ولم يتعلق به الأمر ، ولكن لا بد من تحصيله ، للعلم بأن المقصود من الأمر تحققه ، فإذا شك في حصولها بفعل بعض