لا بيانية (١) ولا بمعنى الباء (٢) (*).
______________________________________________________
المعلوم أنه أجنبي عن المطلوب وهو وجوب ما تيسر من أجزاء المركب الّذي تعذر بعض أجزائه.
(١) المراد بها كون مدخول «من» هو الجنس الّذي يكون المبيّن ـ بالفتح ـ منه ، كقوله تعالى : «اجتنبوا الرجس من الأوثان» وقوله : «أثوابي من قطن وخواتيمي من فضة» وهذا الضابط للبيانية لا ينطبق على المقام ، ضرورة أن مدخول «من» هنا ليس إلّا نفس الشيء المذكور قبله ، حيث ان الضمير عين مرجعه. فكأنه قيل : «إذا أمرتكم بشيء فأوجدوه ما استطعتم» وهذا عبارة أخرى عن دخل القدرة في متعلق الخطاب ، وأنه مع التمكن يجب فعل المأمور به ولا يجوز تركه ، وهذا لا يدل على وجوب بعض المركب المأمور به إذا تعذر بعض اجزائه ، لو لم يدل على وجوب الطبيعة المأمور بها كما مر آنفا.
(٢) قال شيخنا الأعظم (قده) في الرسائل : «قد يناقش في دلالتها ـ أي روايات قاعدة الميسور ـ أما الأول فلاحتمال كون من بمعنى الباء ، أو بيانيّا ، وما مصدرية زمانية» ومقتضاهما كما عرفت وجوب الإتيان بالمأمور به بقدر الإمكان ، وهذا هو التكرار ، وأجنبي عن محل البحث.
ثم دفع هذه المناقشة بقوله : «وفيه : أن كون من بمعنى الباء مطلقا وبيانية في خصوص المقام مخالف للظاهر بعيد كما لا يخفى على العارف بأساليب الكلام» وحاصله : أن المناقشة المزبورة مندفعة بأن جعل «من» بمعنى الباء في كل مورد وبيانيا في خصوص هذا المورد خلاف الظاهر الّذي لا يصار إليه بلا دليل ، فالمتعين حينئذ كون كلمة «من» تبعيضية لا بيانية ولا بمعنى الباء ، فيدل الخبر الأول على اعتبار قاعدة الميسور.
__________________
(*) لم يثبت كون كلمة «من» بمعنى الباء نعم حكي عن يونس استعمالها