وظهورها (١) في التبعيض وان كان مما لا يكاد يخفى (٢) ، إلّا أن (٣)
______________________________________________________
(١) أي : كلمة «من» في التبعيض الّذي هو عبارة عن صحة قيام كلمة «بعض» مقام كلمة «من» وقد عرفت تقريب هذا الظهور الّذي هو أحد الوجهين اللذين يكون الاستدلال بالخبر الأول مبنيا عليهما.
(٢) لما مر من عدم ثبوت استعمال «من» بمعنى الباء ، وعدم انطباق ضابط البيانية أيضا عليه ، فالمتعين كون «من» هنا للتبعيض ، فهذا الوجه الأول ثابت.
(٣) غرضه الإشكال على ثاني الوجهين ، وهو كون التبعيض بحسب الأجزاء لا الأفراد ، ومحصل الإشكال : أن التبعيض ان كان بلحاظ الجامع بين الأجزاء والأفراد بأن يراد بالشيء ما هو أعم من الكل ذي الأجزاء كالصلاة والحج والكلي ذي الأفراد كالعالم ، أو بلحاظ خصوص الأجزاء (كان) الخبر دليلا على المقصود وهو وجوب بعض أجزاء المركب مع تعذر بعضها الآخر. وان كان بلحاظ الأفراد أو مجملا لم يصح الاستدلال بالخبر المزبور وضمير «كونه» راجع إلى «التبعيض».
__________________
بمعنى الباء استنادا إلى قوله تعالى : «ينظرون إليك من طرف خفي».
لكن فيه أولا : أن نقله لا يكفي في ثبوت شيوع استعمالها عندهم في ذلك بحيث يثبت لها ظهور في إرادة الباء منها.
وثانيا : استدلاله عليه بالآية الشريفة اجتهاد منه ، لإنكار غير واحد له ، وادعاء أنها للابتداء ، فالإشكال عليه بعدم ثبوت صحة استعمالها بمعنى الباء أولى من جعله بمعنى الباء مخالفا للظاهر كما في عبارة الشيخ (قده) المتقدمة.
ولعل احتمال كونها بمعنى الباء نشأ من أن الإتيان يتعدى بالباء إلى المأتي به كقوله تعالى : «ومن يغلل يأت بما غل» فجعل «من» في هذا الخبر بمعنى الباء للتعدية بها إلى المأتي به.
وفيه أولا : أنه اجتهاد يتوقف صحته على استعمال «من» بمعنى الباء ، وقد