ومن هنا (١) لا يلاحظ النسبة بين أدلة الأحكام ، وتقدم أدلته
______________________________________________________
راجع إلى «الموضوع» ، وضمائر «ينفيه ، يثبته ، يقتضيه» راجعة إلى «حكمه».
(١) أي : ومن أن المنفي بنفي الضرر هو الحكم الثابت للأفعال بعناوينها الأولية ، ومن أن الضرر علة لنفيه لا يلاحظ النسبة ... إلخ.
وهذا إشارة إلى الجهة الثالثة من الجهات الثلاث المتعلقة بقاعدة الضرر ، وهي نسبة أدلة نفي الضرر مع أدلة الأحكام. ولا يخفى أن في هذه الجهة يبحث تارة عن نسبة أدلة نفي الضرر مع أدلة أحكام الأفعال بعناوينها الأولية ، وأخرى عن نسبتها مع أدلة أحكام العناوين الثانوية غير الضرر. وثالثة عن نسبتها مع دليل خصوص الضرر من العناوين الثانوية ، وهذا هو المسمى بتعارض الضررين ، فهنا مباحث :
الأول : في نسبة أدلة نفي الضرر مع أدلة أحكام الأفعال بعناوينها الأولية. ومحصل ما أفاده المصنف (قده) في ذلك : أن دليل نفي الضرر يقدم على دليل الحكم الأولي ، لأن العرف المتبع نظره في استظهار المعاني من الألفاظ يوفّق بين دليلي نفي الضرر والحكم الأولي بحمل الأول على الفعلي والثاني على الاقتضائي. وبعبارة أخرى : يرى العرف أن العنوان الثانوي وهو الضرر رافع لفعلية الحكم الأولي الّذي كان قبل عروض الضرر فعليا ، ومع هذا التوفيق العرفي لا تلاحظ النسبة ـ وهي العموم من وجه ـ بين دليلي نفي الضرر والحكم الأوّلي حتى يجب الرجوع في المجمع الّذي هو مورد تعارضهما إلى قواعد التعارض ، أو الأصل العملي ، فلا يقال : ان دليل وجوب الوضوء مثلا يشمل الوضوء الضرري وغيره ، ودليل نفي الضرر يشمل الوضوء وغيره كالصوم والحج والبيع وغيرها ، ففي الوضوء الضرري يتعارض الدليلان ، فيرجع فيه إلى أحكام التعارض ، بل يقال : ان المرجع فيه دليل نفي الضرر ، فيحكم بعدم وجوب الوضوء الضرري ،