التكليف (١) لو كان إلى واحد معين
______________________________________________________
(١) محصل ما أفاده في هذا التنبيه : أن الاضطرار إلى بعض الأطراف مطلقا ـ سواء كان حادثا قبل العلم الإجمالي بوجوب الاجتناب عنها أم بعده ، وسواء كان إلى فرد معين منها أم غير معين ـ مانع عن فعلية الحكم المعلوم ، إذ الاضطرار من حدود التكليف وقيوده شرعا على ما يقتضيه الجمع بين أدلة الأحكام الأولية وأدلة الأحكام الثانوية ، كالضرر والعسر ونحوهما ، حيث ان مقتضى الجمع بينهما هو ارتفاع الحكم الأوّلي بطروء العنوان الثانوي ، ففي الحقيقة يقيد إطلاق الحكم الأوّلي بعدم العناوين الثانوية ، فإطلاق حرمة شرب المتنجس مثلا يقيد بعدم الضرورة إلى شربه حدوثا وبقاء. وعليه ففي جميع الصور الست ـ التي سيأتي بيانها ـ يكون الاضطرار مانعا عن الفعلية أو رافعا لها بلا تفصيل فيها على ما أفاده في المتن وفي الفوائد ، لكنه عدل عنه في الحاشية إلى التفصيل كما سيظهر.
ولما كان تفصيله في ذلك ناظرا إلى ما فصّله شيخنا الأعظم وتعريضا به ، فينبغي أوّلا بيان مراد الشيخ (قده) ثم توضيح إشكال المصنف عليه ، فنقول : قال في خامس تنبيهات الشبهة المحصورة : «لو اضطر إلى ارتكاب بعض المحتملات فان كان بعضا معينا فالظاهر عدم وجوب الاجتناب عن الباقي ان كان الاضطرار قبل العلم أو معه ، لرجوعه إلى عدم تنجز التكليف بالاجتناب عن الحرام الواقعي لاحتمال كون المحرم هو المضطر إليه .... وان كان بعده فالظاهر وجوب الاجتناب عن الآخر ... ولو كان المضطر إليه بعضا غير معين وجب الاجتناب عن الباقي ...».
وتوضيح ما أفاده : أنه إذا كان عند المكلف إناء ان في أحدهما ماء الرمان مثلا وفي الآخر ماء مطلق وعلم إجمالا بإصابة قطرة من الدم بأحدهما ، واضطر
__________________
فرض وجوده في نفس الأمر كما نبهنا عليه في بعض التعاليق المتقدمة. وعبارة شيخنا الأعظم أيضا غير خالية عن المسامحة ، لتعبيره بالتنجز ، فلاحظ.