.................................................................................................
______________________________________________________
.................................................................................................
__________________
زيد على نحو التخيير ، أو أكرهه على دفع مال من زيد أو عمرو مخيرا ، فان الضرر في كلتا الصورتين دائر بين شخصين. أما الحكم في هذه الصورة من حيث عدم وجوب تحمله للضرر ، فواضح ، لعدم توجه الضرر إليه أصلا وانما توجه إلى غيره ، فلا يجب عليه دفعه بالتحمل عنه. وأما جواز الأخذ من زيد أو عمرو مطلقا أو في خصوص أقل الضررين ان كان ، فالظاهر أن أصل جواز الأخذ لأجل الإكراه لا إشكال فيه ، وأما خصوص أقل الضررين ، فلا ينبغي أن يكون تعينه موردا للإشكال ، ضرورة أن في نفي الضرر الأكثر كمال الامتنان ، فلجريان قاعدة نفي الضرر فيه مجال. وأما الضرر الأقل فلا بد من الوقوع فيه ، والقدر المتيقن من جواز الإضرار بالغير بسبب إكراه الجائر هو الضرر اليسير دون الكثير ، فان الضرورات تتقدر بقدرها.
وأما الحكم في الصورة الأولى وهي كون المكره ـ بالفتح ـ أحد الشخصين اللذين توجه الضرر إليهما كقول الظالم لزيد : «أعطني مائة دينار من مالك أو من مال عمرو» بحيث يصدق دوران الضرر بين شخصين ، إذ لو قال : «أعطني مائة دينار من مالك ، وإلّا فخذها من مال عمرو أو من أهل القرية مثلا» فهو خارج عن دوران الضرر بين شخصين ، ومندرج تحت كبرى توجه الضرر إلى نفسه ، وقد تقدم عدم جواز دفعه عن نفسه بإيراده على الغير (فقيل) فيها بجواز الأخذ من عمرو وان كان الضرر كثيرا ، وعدم وجوب دفع الضرر عنه بإيراده على نفسه وان كان قليلا بناء على كون الامتنان شخصيا ، لتحققه بالنسبة إلى زيد المضر. وبناء على كونه نوعيا لا بد من الترجيح بالأقلية ، لكون النوع بمنزلة شخص واحد ، وفي الدوران بين ضرري شخص واحد يكون الترجيح بالأقلية ، فتأمل (١).
__________________
(١) وجهه : أن التنزيل المزبور لا يوجب المنة على الجميع ، بل يوجبها بالنسبة إلى خصوص من نفي عنه الضرر الأكثر.