.................................................................................................
______________________________________________________
فإن قلت : المراد أنّ الذي أمر بالاجتناب عنه إنّما هو خصوص المعيّن الشخصي الواقعي إلّا أنّه ما أمر بالاجتناب عنه مطلقاً ، بل إذا عيّن في شخص فنجاسته الشرعية بالفعل إنّما هي في صورة التشخيص ، فقبلها نجاسة بالقوّة وطهارة بالفعل ، فيجوز السجود عليه ، والتشخيص لا يتحقّق إلّا بمباشرتهما.
قلنا : إنّه قبل حصول الاشتباه كان مشخّصاً واجب الاجتناب وبحصول الاشتباه لا يرتفع الحكم الثابت المتيقّن وكيف يرتفع اليقين بالشكّ ، فكان الخبر حجّة عليه لا له ، وكأنّه غفل عن هذا الخبر وبنى الحكم على حجّية الاستصحاب وهو لا يقول بها ويلزمه حينئذٍ طهارة الكرّ المتغيّر إذا زال تغييره من قبل نفسه وطهارة الماء القليل النجس إذا صار كرّاً بمثله ، إلى غير ذلك فتأمّل.
فإن قلت : قضية ما ذكرت أنّ الحكم في غير المحصور خارج عن الأصل.
قلت : قد فرّقنا بينهما من وجوه ، ففي بعض قلنا إنّه خارج عن الأصل وفي بعض قلنا إنّه جارٍ على الأصل.
الأوّل من الوجوه : أنّ الظاهر من الأخبار (١) أنّه لا يجب الفحص عن النجاسة هل بلغت ثوبه أم لا ، بل لا يجب ذلك عند قيام الأمارات ، بل متى علم بها بحسب الاتّفاق تنزّه عنها وإلّا فلا ، وفي غير المحصور لا يحصل العلم بحصول النجاسة بحيث تكون نسبتها إلى الجميع على السوية حتى يصير الكلّ مقدّمة للترك بخلاف المحصور ، وليس في هذا خروج عن الأصل أصلا ، إذ لا يقين فلا وجوب فلا مقدّمة ، فتأمّل.
الثاني : أنّ المحصور يتأتّى فيه الاجتناب عن الكلّ ولا حرج ولا كذلك غير المحصور ، لأنّه يؤدّي الاجتناب فيه إلى الترك غالباً.
الثالث : أنّ ارتكاب جميع أفراد المحصور يتحقّق عادةً فيتحقّق اليقين باستعمال الحرام والنجس ، ولا يتحقّق العلم عادةً بأنّ المكلّف الواحد ارتكب
__________________
(١) وسائل الشيعة : ب ٣٧ من أبواب النجاسات ج ٢ ص ١٠٥٣.