.................................................................................................
______________________________________________________
مع الاختيار لا مطلقاً وحصوله بعد الانتقال إلى الأدنى يوجب فوات الحالة العليا بالكلّية ، وعلى تقدير القراءة يفوت الوصف خاصّة وهو الاستقرار ، وفوات الوصف أولى من فوات الموصوف والصفة أو الموصوف وحده. وقد تقدّم الكلام في نظيره فيما إذا تعارضت الصلاة قائماً غير مستقرّ وجالساً مستقرّاً. وأمّا الرواية فعلى تقدير الالتفات إليها لا حجّة فيها على محلّ النزاع بوجه ، لأنّ الحالتين متساويتان في الاختيار بخلاف المتنازع ، انتهى.
قلت : قد تقدّم في المسألة الّتي أشار إليها أنّ الاستقرار صفة من صفات المصلّي وواجب من واجبات الصلاة ، فتذكّر.
وفي «الحدائق (١)» قوله : إنّ الاستقرار شرط فيها مع الاختيار ، صحيح وهو هنا كذلك ، فإنّ الاضطرار إنّما تتعلّق هنا بالانتقال من حال القيام إلى حال القعود ، والشارع قد جعل القعود بمنزلة القيام ، وأمّا بالنسبة إلى القراءة فالواجب أن يراعى فيها شرطها وهو الاستقرار فيتركها بعد الانتقال حتى يستمرّ جالساً ، انتهى.
وقد يقال (٢) : إنّا لم نجد دليلاً على اشتراط الاستقرار بالمعنى الذي ليس فيه إجماع ولا خبر ، أمّا الخبر فالظاهر فقده ، وأمّا الإجماع فكذلك ، لأنّك قد سمعت نسبة الخلاف إلى الأصحاب. ثم إنّ القدر المتصل بالقيام والواقع في حده يجب تحقّق القراءة فيه للعموم ، فكذا غيره لعدم قائل بالفصل. وأمّا قولك قضية كون العبادة توقيفية أنّه يجب عليه الترك إلى أن يجلس مستقرّاً ففيه أنّ صريح جماعة من القائلين بالاستمرار وجوبه كالمصنّف في «نهاية الإحكام (٣)» وغيره (٤) ، وهو ظاهر الباقين. وقوله عليهالسلام : يتمكّن في الإقامة كما يتمكّن في الصلاة ليس بواضح الدلالة على المطلوب ، فليتأمّل جيّداً.
__________________
(١) الحدائق الناضرة : في القيام ج ٨ ص ٨٥.
(٢) القائل هو البهبهاني في حاشية المدارك : في القيام ص ١٠٤ السطر الأخير (مخطوط في المكتبة الرضوية برقم ١٤٧٩٩).
(٣) نهاية الإحكام : في القيام : ج ١ ص ٤٤٢.
(٤) كالشهيد الثاني في مسالك الأفهام : في القراءة ج ١ ص ٢٠٣.