وأن يستديم القصد حكماً إلى الفراغ بحيث لا يقصد ببعض الأفعال غيرها ،
______________________________________________________
والجواب أنّه يكفي قصدها عند فعلها ولا حاجة إلى قصدها في النيّة المعروفة. ويشير إلى ذلك القاعدة الّتي حصّلها الاستاذ (١) الشريف أدام الله تعالى حراسته وهي أنّه لا يتعيّن بالنيّة ما لا يتعيّن في العمل. وقال آخرون (٢) : هي مقصودة بقوله اصلّي فرض الظهر ولا ينافيه قوله لوجوبها ، لأنّ المعنى اصلّي فرض الظهر المشتملة على المندوبات ، والباعث على ذلك كون الظهر واجبة فلا منافاة.
[في استدامة النيّة]
قوله قدّس الله تعالى روحه : (وأن يستديم القصد حكماً إلى الفراغ بحيث لا يقصد ببعض الأفعال غيرها) قد استوفينا الكلام في معنى الاستدامة في نيّة الوضوء ونقلنا هذه العبارة هناك. وقد اعترض عليها في «جامع المقاصد (٣)» بأنّ الضمير في قوله «غيرها» إن عاد إلى الصلاة تحقّقت الاستدامة ما دام لا ينوي بشيء من أفعال الصلاة غيرها ، فلو نوى الرياء لم يكن مخلّا بالاستدامة وهو معلوم البطلان ، وإن عاد إلى الأفعال لا يتحصّل له معنى يغاير الأوّل إلّا بتكلّف بعيد. فلو فسّر الاستدامة بعدم إحداث ما ينافي جزم النيّة كان أنسب وأوفق.
قلت : المراد من استدامة القصد إلى الفراغ مقارنة جميع أجزاء العبادة للإخلاص ، فلو نوى الرياء ببعض الأفعال فقد أحدث ما ينافي القصد المذكور ويكون قصد بذلك البعض غير الصلاة ، لأنّ جزء الصلاة لا بدّ وأن يكون مقترناً بالإخلاص. وفي «الإيضاح (٤)» أجمع الفقهاء على أنّه إذا نوى ببعض أفعال الصلاة
__________________
(١ و ٢) منهم الفاضل في كشف اللثام : في النية ج ٣ ص ٤٠٨.
(٣) جامع المقاصد : في النيّة ج ٢ ص ٢٢١.
(٤) إيضاح الفوائد : في النيّة ج ١ ص ١٠٤.