الآستانة وجم غفير من الخدم والعبيد والجواري السود والبيض ، وكان ينفق عليهم نفقة واسعة بسخاء زائد. وينقل عنه أنه كانت توفيت إحدى زوجاته ، وبعد وفاتها أراد أن يتزوج بسيدة من بنات الأعيان ، فخطبها فاشترطت لقبولها أن لا يضرها بواحدة ، فوعد بذلك ، وبعد زمن قليل جاء بأربع حظيات في آن واحد ، فذكرته بوعده عاتبة ، فتبسم وقال لها : إنني لم أخلف ، وعدت بأن لا آتيك بواحدة أما هؤلاء فأربع.
وكان يأذن لعبيده في التجارة سفرا وحضرا فيستفيدون من ذلك أموالا جمة ، فكان يعتقهم ويزوجهم ممن عنده من الجواري ويهبهم من أملاكه وعقاراته ، فصار لعتقائه وعتقاء عتقائه أملاك وقفوا منها جملة وافرة لم تزل عامرة إلى الآن.
وبلغ من عطفه عليهم أنه شرط في كتاب وقفه الكبير أن يكون جميع ما يستحقه أولاده وأعقابه بعد انقراضهم لعتقائه وأعقابهم. وكان الكثير منهم قد حج إلى بيت الله الحرام ، ويحسنون القراءة والكتابة ولهم خطوط جلية جميلة ، وقطعوا في عهد مولاهم شوطا بعيدا في الوجاهة بحيث صاروا يعنونون بعنوان آغا مثله ، وأولادهم يلقبون بلقب جلبي كأولاده.
والمعروف من عتقائه الذكور إبراهيم آغا وابنه محمد جلبي والحاج سليمان آغا والحاج صالح آغا. ومن جملة من مات قبله من عبيده وخلف أموالا وأملاكا عادت لمولاه بالولاء مملوكه الشهير الحاج علي آغا الملقب بالكوله ، وكان لمملوكه هذا عبيد وعتقاء أيضا منهم عبد الله آغا وأولاده الحاج عثمان آغا أحد الواقفين ، وإبراهيم آغا ، ومنهم سليمان جلبي.
ولم يزل المترجم على وجاهته وحرمته وحشمته ورخاء عيشه وسخاء يده ومبراته إلى أن توفاه الله تعالى في السابع والعشرين من شهر شوال سنة ألف وماية وسبعة وسبعين ، ودفن في تربة العبّارة ، وجاء تاريخ وفاته (في جنان الخلد موسى قد منح) ١١٧٧ رحمهالله تعالى وأجزل ثوابه.
والمشهور من أولاده الذكور ستة ، وهم الحاج عيسى آغا ، والحاج عبد الله آغا ، والحاج خليل آغا ، والحاج زكريا آغا ، والحاج مصطفى آغا ، والسيد إبراهيم جلبي ، وله ولد سابع اسمه أحمد آغا توفي شابا قبل وفاة والده بسنة ، وذريته الموجودة الآن هي من نسل الأول والثاني والثالث لا غير.