أفندي القلعه جي ، قرأ عليه في الفقه الحنفي الدر المختار وحاشيته رد المحتار ، وكان آخر أساتذته الذين قرأ عليهم.
وفي برهة قليلة برز على أقرانه وفاق أساتذته وجلّى في حلبات العلوم واشتغل بنفسه في فنون متنوعة كاللغة والأدب.
وكان مع ذلك من مشاهير القراء في مدينة حلب ، مجيدا للنطق وحسن الأداء فصيح اللسان ترتيلا وحدرا ، بالغا في التلاوة غاية الإتقان مع البراعة في معرفة الوقوف بأنواعها.
وكان حافظا لمتن الشاطبية في علم القراءات كما ذكرنا ، ولكن لم يجمع القراءات السبع لأنه لم يجد أستاذا في حلب متلقيا بالسند ليأخذ عنه.
شهرته :
لم تكن شهرته قاصرة على بلدته أو البلاد السورية ، بل عمت شهرته سائر البلاد الإسلامية وطبق ذكره الآفاق ، وخصوصا في الفقه الحنفي الذي كاد يأتي على جميع نصوصه ، وكاد لا يغادر صغيرة منه ولا كبيرة إلا أحصاها ، وكنا نرى أنه لو شاء إملاء مذهب أبي حنيفة من حفظه لأملاه بنصوصه وحروفه ، وذلك لما أعطي من قوة الحافظة وفصاحة اللسان ، هذا مع التحقيق والتدقيق ومعرفة المصحح والمرجح من الأقوال ، ومع سرعة الجواب وعدم الاحتياج لمراجعة الكتاب ، فكان في ذلك يبهر العقول ، ويشهد له سائله ومذاكره بأنه فريد العصر وعديم النظير. وكثيرا ما يستخرج النصوص الصريحة المنطبقة على الحادثة المسؤول عنها من غير مظان وجودها إذ تكون مذكورة هناك استطرادا أو استشهادا أو ليست مذكورة في أبوابها الموضوعة لها ، وهذا لا ريب يدلك على زاخرات علمه وسعة إطلاعه.
دروسه وحاله فيها :
أول ما تولاه تدريس المدرسة الشعبانية ، وذلك في سنة ١٢٩٩ ، وكان في دروسه رحمهالله جوادا مضمارا وبحرا ذخّارا ، طلق اللسان حسن التقرير في المعقولات خزانة للمنقولات ، سليم الذوق في الفهم ، محققا مدققا ، يستوعب أطراف الموضوع ويغوص فيه بحثا ، ثم يتمخض بحثه عن الحقائق الراهنة والصواب. وكانت حلقة دروسه تمتلىء