يبعد جدا إرادته بيان التكليف من حيثية أحد الموضوعين دون الآخر في كل خطاب لو كان الموضوع متعددا.
بل حيث يكون الموضوع في مثل ذلك جهة تعليلية غير مقصودة بالبيان ، لا يكون المقصود بالبيان إلّا ثبوت الحكم فعلا ، فيكون المبين بالبيانين واحدا كما في الوجه الأول وإن كان الداعي للبيان متعددا.
ودعوى : أن التأكيد في البيان خلاف الأصل ، بل الأصل فيه التأسيس وتعدد المبين إما لتعدد التكليف أو لتعدد الجهة الموجبة له مع وحدته ، وحيث يأتي في مبحث مفهوم الشرط أن الثاني خلاف الأصل ، وأن الأصل عدم التداخل تعين البناء على تعدد التكليف ، كما هو مقتضى الوجه الثالث.
مدفوعة : أولا : بأن أصالة التأسيس ليست بنحو تنهض برفع اليد عما ذكرنا.
وثانيا : بأن تكرار البيان في الوجه الأول قد لا يكون للتأكيد ، بل لغافلة الامر ـ لو أمكن في حقه الغافلة ـ أو المأمور أو جهل أحدهما بالأمر الأول ، كما قد يكون لاختلاف مقام البيان لتعدد المناسبة المقتضية له ، كما لو أمر بالسجود عند قراءة آية العزيمة في مقام بيان أحكام قراءة القرآن ، وفي مقام بيان أقسام السجود الواجب ، حيث لا تأكيد في ذلك ، لاختصاص التأكيد بالبيان اللاحق المبتني على البيان السابق ، دون ما لا يبتني عليه ، ومن الظاهر أنه لا أصل ينفي ذلك ، ليخرج به عما ذكرنا.
وثالثا : أن منشأ البناء على أصالة عدم التداخل ـ كما يأتي إن شاء الله تعالى ـ هو ظهور دليل كل أمر في أن الموضوع الذي تضمنه سبب مستقل لتكليف مستقل ، وبذلك يخرج عن إطلاق المتعلق الذي سبقت الإشارة إليه ،