فقالوا : إنّ رؤيا الملك من قسم الأضغاث ، ثمّ أخبروا أنهم غير عالمين بتعبير هذا القسم ، وفيه [إبهام](١) أنّ الكامل في هذا العلم ، والمتبحّر فيه يهتدي إليها ، فعند هذه المقالة تذكّر السّاقي واقعة يوسف ـ عليه الصلاة والسلام ـ لأنه كان يعتقد فيه كونه متبحّرا في هذا العلم.
قوله «وادّكر» فيه وجهان :
أظهرهما : أنّها جملة حالية ، إمّا من الموصول ، وإما من عائده ، وهو فاعل نجا.
والثاني : أنها عطف على نجا فلا محل لها ؛ لنسقها على ما لا محل له.
والعامّة على ادّكر بدال مهملة مشدّدة ، وأصلها : اذتكر ، افتعل ، من الذكر فوقعت تاء الافتعال بعد الدال ؛ فأبدلت دالا ، فاجتمع متقاربان ؛ فأبدل الأول من جنس الثاني ، وأدغم.
قال الزمخشريّ (٢) : وادّكر بالدال هو الفصيح.
وقرأ الحسن البصريّ (٣) : بذال معجمة. ووجّهوها بأنه أبدل التّاء ذالا ؛ من جنس الأولى ، وأدغم ، وكذا الحكم في مدّكر كما سيأتي إن شاء الله ـ تعالى ـ.
والعامة : على (أمة) بضم الهمزة ، وتشديد الميم ، وتاء منونة ، وهي المدة الطويلة.
وقرأ الأشهب العقيليّ (٤) : بكسر الهمزة ؛ وفسّروها بالنعمة ، أي : بعد نعمة [أنعم بها](٥) عليه ؛ وهي خلاصه من السّجن ، ونجاته من القتل ؛ وأنشد الزمخشريّ لعديّ : [الخفيف]
٣١١٠ ـ ثمّ بعد الفلاح والملك والإم |
|
ـ مة وارتهم هناك القبور(٦) |
وأنشد غيره : [الطويل]
٣١١١ ـ ألا لا أرى ذا أمّة أصبحت به |
|
فتتركه الأيّام وهى كما هيا (٧) |
وقرأ ابن عبّاس ، وزيد بن عليّ ، وقتادة ، والضحاك (٨) ، وأبو رجاء رضي الله عنهم «أمه» بفتح الهمزة وتخفيف الميم منونة وهي المدة من الأمه وهو النسيان يقال أمه يأمه
__________________
(١) في أ : إيماء.
(٢) ينظر : الكشاف ٢ / ٤٧٥.
(٣) ينظر : الكشاف ٢ / ٤٧٥ ، والبحر المحيط ٥ / ٣١٣ والدر المصون ٤ / ١٨٨.
(٤) ينظر : الكشاف ٢ / ٤٧٥ والمحرر الوجيز ٢ / ٢٤٩ والبحر المحيط ٥ / ٣١٣ والدر المصون ٤ / ١٨٨.
(٥) في أ : أنعمها.
(٦) ينظر : ديوانه (٨٩) ، شواهد الكشاف (٤٠٧) مثلثات قطرب ٤٥ ، الرازي ١١٨ / ١٥٢ ، فصيح ثعلب ٦٥ ، شواهد المغني للبغدادي ٤ / ٤٢ ، ٤٧ ، ابن الشجري ١ / ٩١ ، الشعر والشعراء ١ / ٢٢٥ ، الأغاني ١ / ٢١٥ ، ١٢٦ ، وحماسة البحتري ١٢٢ ، تاريخ الطبري ٢ / ٥٠ ، ٦٨ ، اللسان : أم ، الدر المصون ٤ / ١٨٨.
(٧) البيت لزهير بن أبي سلمى ينظر : ديوانه (١٠٧١) البحر ٥ / ٣١٣ ، الألوسي ١٢ / ٢٥٣ ، رصف المباني ٢٧٧ ، الكشاف (٤٠٧) شرح الديوان ٢٨٨ ، روح المعاني ١٢ / ٢٥٣ ، الدر المصون ٤ / ١٨٨.
(٨) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٣١٣ والدر المصون ٤ / ١٨٨.