أمها (١) بفتح الميم وسكونها ، والسكون غير مقيس ؛ قال الشاعر : [الوافر]
٣١١٢ ـ أمهت وكنت لا أنسى حديثا |
|
كذاك الدّهر يودي بالعقول |
وقرأ مجاهد ، وشبل (٢) بن عزرة : بعد أمه بسكون الميم ، وتقدّم أنه مصدر ل «أمه» على غير قياس.
قال الزمخشري (٣) : «ومن قرأ بسكون الميم ، فقد خطّىء».
قال أبو حيّان (٤) : «وهذه على عادته في نسبة الخطأ إلى القراء».
قال شهاب الدّين (٥) ـ رحمهالله ـ : لم ينسب إليهم خطأ ؛ وإنما حكى أنّ بعضهم خطّأ هذا القارىء ؛ فإنه قال : «خطّىء» بلفظ ما لم يسمّ فاعله ولم يقل : فقد أخطأ ، على أنّه إذا صحّ أنّ من ذكره قرأ بذلك فلا سبيل إلى نسبة الخطأ إليه ألبتّة.
وبعد منصوب ب «ادّكر» وقوله أنا أنبّئكم هذه الجملة هي المحكية بالقول.
وقرأ العامة أنبّئكم من الإنباء ، وقرأ (٦) الحسن أنا آتيكم مضارع أتى من الإتيان ، وهو قريب من الأول.
فصل
لمّا اعترف الحاضرون بالعجز عن الجواب ، فذكر الشّرابيّ قول يوسف (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) ، (بَعْدَ أُمَّةٍ) بعد حين ، بعد سبع سنين ، وذلك أنّ الحين إنّما يحصل عند اجتماع الأيام الكثيرة ، كما أن الأمة إنما تحصل عند اجتماع الجمع العظيم ، فالحين كان أمة من الأيام والسّاعات. فإن قيل : قوله (وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ) يدل على أنّ الناسي هو الشرابي ، وأنتم تقولون: إنّ النّاسي هو يوسف ـ عليهالسلام ـ.
فالجواب : قال ابن الأنباري : ادّكر بمعنى : ذكر وأخبر ، فهذا لا يدلّ على سبق النسيان ، فلعلّ الساقي إنما لم يذكر يوسف عليهالسلام عند الملك ، خوفا عليه من أن يكون ادّكارا لذنبه الذي من أجله حبس ، فترك للشر ، ويحتمل أن يكون حصل النسيان ليوسف ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ [وحصل](٧) أيضا لذلك الشرابي.
روي أنّ الغلام جثا بين يدي الملك ، وقال إنّ بالسجن رجلا يعبّر الرؤيا.
__________________
(١) سقط من : ب.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٢٤٩ وقرأ بها أيضا عكرمة ينظر : البحر المحيط ٥ / ٣١٣ وينظر : الدر المصون ٤ / ١٨٨.
(٣) ينظر : الكشاف ٢ / ٤٧٦.
(٤) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٣١٤.
(٥) ينظر : الدر المصون ٤ / ١٨٨.
(٦) ينظر : الكشاف ٢ / ٤٧٦ والمحرر الوجيز ٣ / ٢٤٩ والبحر المحيط ٥ / ٣١٤ والدر المصون ٤ / ١٨٩.
(٧) في ب : ودخل ، وفي أ : ذهل والصواب ما أثبتناه.