بِعِلْمِهِ) [النساء : ١٦٦] ، (وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ) [البقرة : ٢٥٥] ، (وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ) [فاطر : ١١] وإذا وقع التّعارض ، فنحن نحمل الآية التي تمسّك بها الخصم على واقعة يوسف وإخوته ، غاية ما في الباب أنه يوجب تخصيص عموم إلا أنّه لا بد من المصير إليه ؛ لأن العالم مشتقّ من العلم ، والمشتقّ منه مفرد ، وحصول المركب بدون حصول المفرد محال في بديهة العقل ، فكان التّرجيح من جانبنا».
قوله (فَقَدْ سَرَقَ) الجمهور على «سرق» مخففا مبنيّا للفاعل ، وقرأ (١) أحمد بن جبير الأنطاكيّ ، وابن أبي شريح عن الكسائيّ ، والوليد بن حسان عن يعقوب في آخرين : «سرّق» مشددا مبنيّا للمفعول أي : نسب إلى السرقة ؛ لأنّه ورد في التّفسير : أنّ عمته ربته ، فأخذه أبوه منها ؛ فشدت في وسطه منطقة كانوا يتوارثونها من إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه ففتشوا فوجدوها تحت ثيابه ، فقالت : هو لي ، فأخذته كما في شريعتهم ، ومن هنا تعلم يوسف وضع السّقاية في رحل أخيه ، كما فعلت به عمّته ، وهذه القراءة منطبقة على هذا.
وقال سعيد بن جبير : كان لجدّه أبي أمه صنم يعبده ، فأخذه سرا ، وكسره وألقاه في الطّريق (٢).
وقال مجاهد : أخذ بيضة من البيت فأعطاها سائلا (٣). وقيل : دجاجة وقال وهب ـ رحمهالله ـ : كان يخبىء الطّعام من المائدة للفقراء فقالوا للملك : إنّ هذا ليس بغريب منه ، فإنّ أخاه الّذي هلك كان أيضا سارقا ، أي إنّا لسنا على طريقته ، ولا على سيرته ، وهو وأخوه مختصان بهذه الطّريقة ؛ لأنهما من أم أخرى (٤).
قوله : «فأسرّها» قال بعضهم : الضّمير المنصوب مفسّر لسياق الكلام ، أي : فأسرّ الحزازة التي حصلت له من قولهم : (فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ) ؛ كقوله : [الطويل]
٣١٢٩ ـ أماويّ ما يغني الثّراء عن الفتى |
|
إذا حشرجت يوما وضاق بها الصّدر (٥) |
فالضمير في «حشرجت» يعود على النّفس ، كذا ذكره أبو حيّان.
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٣٢٩ ، والدر المصون ٤ / ٢٠٣.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٢٦٥) عن سعيد بن جبير وذكر السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٥٤) عن ابن عباس مرفوعا وعزاه إلى ابن مردويه.
(٣) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٤٤١).
(٤) ينظر : المصدر السابق.
(٥) البيت لحاتم الطائي. ينظر : ديوانه ص ١٩٩ والأغاني ١٧ / ٢٩٥ وجمهرة اللغة ص ١٣٤ ، ١١٣٣ وخزانة الأدب ١٤ ، والدرر ١ / ٢١٥ والشعر والشعراء ١ / ٢٥٢ واللسان (حشرج) والهمع ١ / ٦٥ وأمالي الشجري ١ / ٥٩ وتأويل المشكل (٢٢٧) والعمدة ٢ / ٢٦٣ والطبري ١٣ / ٢ والدر المصون ٤ / ٢٠٣.
وروي : لعمرك ما يغني ... إذا حشرجت نفس ....