«القرآن» بالألف ، وأنّه يحتمل أن يكون نقل حركة الهمزة ، وإن لم يكن من أصله النقل.
قال أبو شامة بعد أن ذكر هذه الكلمات الخمس الّتي وقع فيها الخلاف «وكذلك رسمت في المصحف ، يعني كما قرأها البزيّ يعني بالألف مكان الياء ، وبياء مكان الهمزة».
وقال أبو عبد الله : واختلفت هذه الكلمات في الرّسم ، فرسم : «يأيس» ، «ولا تأيسوا» بألف ، ورسم الباقي بغير ألف.
قال شهاب الدين (١) : «وهذا هو الصّواب ، وكأنّه غفلة من أبي شامة».
ومعنى الآية : «فلمّا أيسوا من يوسف أن يجيبهم إلى ما سألوا».
وقال أبو عبيدة : «استيأسوا» : استيقنوا أنّ الأخ لا يرد إليهم.
قوله : (خَلَصُوا نَجِيًّا) قال الواحديّ : يقال : خلص الشّيء يخلص خلوصا إذا انفصل من غيره ، ثم فيه وجهان :
أحدهما : قال الزجاج ، خلصوا : أي : انفردوا ، وليس معهم أخوهم.
وقال الباقون : تميزوا عن الأجانب ، وهذا هو الأظهر ، أي : خلا بعضهم ببعض يتناجون ويتشاورون (٢) لا يخالطهم غيرهم.
وأمّا قوله : «نجيّا» حال من فاعل : «خلصوا» أي : اعتزلوا في هذه الحال وإنّما أفردت الحال ، وصاحبها جمع ، إمّا لأن النّجيّ فعيل بمعنى مفاعل كالعشير والخليط بمعنى المخالط والمعاشر ، كقوله (وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا) [مريم : ٥٢] أي : مناجيا وهذا في الاستعمال يفرد مطلقا ، يقال : هم خليطك وعشيرتك ، أي : مخالطوك ومعاشروك وإما لأنّه صفة على فعيل بمنزلة صديق ، وبابه يوحد ، لأنه بزنة المصادر كالصّهيل ، والوجيب والذّميل ، وإمّا لأنه مصدر بمعنى التّناجي كما قيل : النّجوى بمعناه ، قال تعالى : (وَإِذْ هُمْ نَجْوى) [الإسراء : ٤٧] ، وحينئذ يكون فيه التّأويلات المذكورات في : «رجل عدل» وبابه ، ويجمع على «أنجية» ، وكان من حقّه إذا جعل وصفا أن يجمع على «أفعلاء» ، ك «غنيّ ، وأغنياء» و «شقيّ ، وأشقياء» ؛ ومن مجيئه على «أنجية» قول الشاعر : [الرجز]
٣١٣١ ـ إنّي إذا ما القوم كانوا أنجيه |
|
واضطرب القوم اضطراب الأرشيه |
هناك أوصيني ولا توصي بيه (٣) |
وقول لبيد : [الكامل]
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٤ / ٢٠٥.
(٢) في ب : بتشاورات.
(٣) الأبيات لسحيم بن وثيل اليربوعي. ينظر : اللسان والصحاح : «نجا» ، أساس البلاغة ٤٤٨ ، جمهرة اللغة ص ٢٣٥ ، ٨٠٩ ، خزانة الأدب ١٠ / ٢٤٧ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٦٥٦ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٩١٤ ، المغني ٢ / ٥٨٥ ، وأمالي ابن الشجري ٢ / ٢٥ ، وروح المعاني ١٣ / ٣٥ ومعاني الزجاج ٣ / ١٢٤ والبحر المحيط ٥ / ٣٣١ والدر المصون ٤ / ٢٠٥.