«قالوا» : يعني أولاد أولاده (إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ) أي في ذهاب عن طريق الصّواب.
وقال ابن عبّاس ، وابن زيد : لفي خطئك الماضي من حبّ يوسف لا تنساه (١).
وقال مقاتل الضّلال هنا الشّقاء ، يعني : شقاء الدّنيا ، أي : إنّك لفي شقائك القديم بما تكابد من الأحزان على يوسف (٢).
وقال قتادة : لفي حبّك القديم لا تنساه ، ولا تذهل عنه ، قال قتادة : لقد قالوا كلمة [غليظة](٣) لم يجز قولها لنبي الله ـ عليه الصلاة والسلام (٤) ـ.
وقال الحسن : إنّما خاطبوه بذلك ، لاعتقادهم أنّ يوسف قد مات (٥). (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ) وهو المبشّر ، في موضع : «أن» قولان :
أحدهما : لا محلّ لها من الإعراب ، فقد تذكّر تارة كما هنا ، وقد تحذف كقوله : (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ) [هود : ٧٤].
والثاني : قال البصريّون : هي في موضع رفع بفعل تقديره : فلمّا ظهر أن جاء البشير أي : ظهر على البشير ؛ فأضمر الرّافع.
وقال جمهور المفسّرين البشير هو يهوذا قال : أنا ذهبت بالقميص ملطّخا بالدّم ، وقلت : إنّ يوسف أكله الذّئب ، فأذهب اليوم بقميصه ، وأخبره أنه حي فأفرحه كما أحزنته ، وقيل : البشير مالك بن دعر.
قوله : «ألقاه» الظّاهر أنّ الفاعل هو ضمير البشير ، وقيل : هو ضمير يعقوب وفي «بصيرا» وجهان :
أحدهما : حال ، أي : يرجع في هذه الحال.
والثاني : أنّه خبرها ؛ لأنّها بمعنى صار عند بعضهم ، و «بصيرا» من بصر بالشيء ك «ظريف» من «ظرف».
وقيل : هو مثال مبالغة ، ك «عليم» وفيه دلالة على أنّه لم يذهب بصره بالكلّية ومعنى الارتداد : انقلاب الشّيء إلى حال كان عليها.
وقوله : (فَارْتَدَّ بَصِيراً) أي صيّره الله بصيرا ، كما يقال : طالت النّخلة والله أطالها. قال بعضهم : إنه كان قد عمي بالكلية ، فجعله الله بصيرا في هذا الوقت.
__________________
(١) أخرجه الطبري (٧ / ٢٩٧) عن ابن عباس وابن زيد وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٦٧) عن ابن عباس وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) ذكره الرازي في «تفسيره» (١٨ / ١٦٦).
(٣) في ب : عظيمة.
(٤) ينظر : الرازي ١٨ / ١٦٦.
(٥) ينظر : الرازي (١٨ / ١٦٦).