٣٠٥٢ ـ لدن بهزّ الكفّ يعسل متنه |
|
فيه كما عسل الطّريق الثّعلب (١) |
وإليه ذهب ابن عطيّة (٢).
قال النّحاس : «إلا أنّه في الآية حسن كثيرا ؛ لأنّه يتعدى إلى مفعولين ، أحدهما بالحرف ، فإذا حذفت الحرف ، تعدّى الفعل إليه».
والثاني : النصب على الظرفيّة.
قال الزمخشريّ : «أرضا منكورة مجهولة بعيدة عن العمران ، وهو معنى تنكيرها ، وإخلائها من النّاس ؛ ولإبهامها من هذا الوجه ، نصبت نصب الظّروف المبهمة».
وردّ ابن عطيّة هذا الوجه فقال : «وذلك خطأ ؛ لأن الظّرف ينبغي أن يكون مبهما ، وهذه ليست كذلك ، بل هي أرض مقيّدة بأنّها بعيدة ، أو قاصية أو نحو ذلك ، فزال بذلك إبهامها ، ومعلوم أن يوسف لم يخل من الكون في أرض ، فتبيّن أنّهم أرادوا أرضا بعيدة ، غير التي هو فيها قريبة من أبيه».
واستحسن أبو حيّان (٣) هذا الرّد ، وقال : «وهذا الردّ صحيح ، لو قلت : «جلست دارا بعيدة ، أو مكانا بعيدا» لم يصحّ إلا بواسطة في ولا يجوز حذفها ، إلا في ضرورة شعر ، أو مع «دخلت» على الخلاف في «دخلت» أهي لازمة أم متعدّية».
وفي الكلامين نظر ؛ إذ الظّرف المبهم : عبارة عمّا ليس له حدود تحصره ، ولا أقطار تحويه ، و «أرضا» في الآية الكريمة من هذا القبيل.
الثالث : أنها مفعول ثان ، وذلك أن معنى : «اطرحوه» : أنزلوه ، و «أنزلوه» يتعدى لاثنين ، قال ـ تعالى ـ : (أَنْزِلْنِي مُنْزَلاً مُبارَكاً) [المؤمنون : ٢٩] وتقول : أنزلت زيدا الدّار. والطّرح : الرّمي ، ويعبر به عن الاقتحام في المخاوف ؛ قال عروة بن الورد : [الطويل]
٣٠٥٣ ـ ومن يك مثلي ذا عيال ومقترا |
|
من المال يطرح نفسه كلّ مطرح (٤) |
والمعنى : اطرحوه إلى أرض تبعد من أبيه ، وقيل : في أرض تأكله السّباع.
و «يخل لكم» جواب الأمر ، وفيه الإظهار والإدغام ، وتقدّم تحقيقهما عند قوله : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً) [آل عمران : ٨٥].
قوله : (وَتَكُونُوا) يجوز أن يكون مجزوما نسقا على ما قبله ، أو منصوبا بإضمار «أن» بعد الواو في جواب الأمر.
__________________
(١) تقدم.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٢٢٢.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٢٨٤.
(٤) ينظر البيت في ديوانه (٢٣) والعمدة لابن رشيق ١ / ٤٨ وروح المعاني ١٢ / ١٩٣ ، والمحرر الوجيز ٩ / ٢٥٣ والبحر ٥ / ٢٧٧ والدر المصون ٤ / ١٥٧.