إنما لم يتميز في حق من لا يكون عالما بجميع المعلومات فأمّا من : «يعلم ما تحمل كلّ أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكلّ شيء عنده بمقدار» كيف لا يميزها؟.
وثالثها : أنّه متصل بقوله : (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ).
والمعنى : أنه ـ تعالى ـ عالم بجميع المعلومات ، فهو إنّما ينزل العذاب بحسب ما يعلم كونه مصلحة فيه.
قوله (اللهُ يَعْلَمُ) يجوز في الجلالة وجهان :
أحدهما : أنّها خبر مبتدأ مضمر ، أي : هو الله ، وهذا على قول من فسّر «هاد» بأنه هو الله [تعالى ، فكان هذه الجملة تفسير له ، وهذا [ما] عنى الزمخشري بقوله : وأن يكون المعنى : هو الله](١) تفسيرا ل «هاد» على الوجه الأخير ، ثم ابتدأ فقال : «يعلم».
والثاني : أنّ الجلالة مبتدأ «ويعلم» خبرها ، وهو كلام مستأنف مستقلّ.
قال أبو حيّان (٢) ، «و «يعلم» هاهنا متعدية إلى واحد ؛ لأنّه لا يراد هنا النسبة إنّما المراد تعلق العلم بالمفردات».
قال شهاب الدين (٣) ـ رحمهالله ـ : «وإذا كانت كذلك ، كانت غير فائتة» وقد تقدّم أنه لا ينبغي أنه يجوز نسبة هذا إلى الله ـ عزوجل ـ وتقدم تحقيقه في الأنفال فالتفت إليه.
قوله : «ما تحمل» «ما» تحتمل ثلاثة أوجه :
أحدها : أن تكون موصولة اسمية ، والعائد محذوف ، أي : ما تحمله.
والثاني : أن تكون مصدرية ، فلا عائد.
والثالث : أن تكون استفهامية ، وفي محلها وجهان :
أحدهما : أنها في محلّ رفع بالابتداء ، و «تحمل» خبره ، والجملة معلقة للعلم.
والثاني : أنها في محلّ نصب ب «تحمل» قاله أبو البقاء (٤).
وهو أولى ؛ لأنّه لا يحتاج إلى حذف عائد لا سيّما عند البصريين ؛ فإنهم لا يجيزون زيدا ضربت.
ولم يذكر أبو حيان غير هذا ، ولم يتعرض لهذا الاعتراض.
و «ما» في قوله : (وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ) محتملة للأوجه المتقدّمة و «غاض ، وزاد» سمع تعدّيهما ، ولزومهما ، ولك أن تدّعي حذف العائد على القول بتعديهما ، وأن تجعلها مصدريّة على القول بمصدريتهما.
فصل
إذا كانت «ما» موصولة فالمعنى : أنه تعالى ـ يعلم ما تحمل كل أنثى من الولد أهو
__________________
(١) سقط من : ب.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٣٦١.
(٣) ينظر : الدر المصون ٤ / ٢٢٩.
(٤) ينظر : الإملاء ٢ / ٦٢.