«هجّيرى أبي بكر لا إله إلّا الله» وإلى هذا الوجه ذهب الزمخشري أيضا ؛ فإنه قال : «أي صفة الذين كفروا أعمالهم كرماد ، كقولك : «صفة زيد عرضه مصون وماله مبذول» فنفس عرضه مصون هو نفس صفة زيد».
الثالث : أنّ «مثل» زائدة ، قاله الكسائي والفراء ، أي : الذين كفروا أعمالهم كرماد ، ف «الّذين» مبتدأ ، و «أعمالهم» مبتدأ ثان و «كرماد» خبره ، وزيادة الأسماء ممنوعة.
الرابع : أن يكون «مثل» مبتدأ ، و «أعمالهم» بدل منه على تقدير : مثل أعمالهم و «كرماد» الخبر ، قاله الزمخشري. وعلى هذا فهو بدل كلّ من كلّ على حذف مضاف كما تقدم.
الخامس : أنه يكون «مثل» مبتدأ ، و «أعمالهم» بدل منه بدل اشتمال و «كرماد» الخبر. كقول الزباء : [الرجز]
٣٢٠٤ ـ ما للجمال مشيها وئيدا |
|
أجندلا يحملن أم حديدا (١) |
__________________
(١) ينظر البيت في : معاني الفراء ٢ / ٧٣ ، الأشموني ٢ / ٤٦ ، الهمع ١ / ١٥٩ ، الدرر ١ / ١٤١ ، الكامل ٢ / ٨٥ ، المغني ٢ / ٥٨٠ ، التصريح ٥ / ٢٧١ ، روح المعاني ١٣ / ٣٠٣ ، الدر المصون ٤ / ٢٥٨.
وأجاز الكوفيون تقديم الفاعل مع بقاء فاعليته تمسكا بقول الزباء الذي ذكره المصنف.
ووجه التمسك أن مشيها روي مرفوعا ولا جائز أن يكون مبتدأ إذ لا خبر له لنصب وئيدا على الحال فنفيه أن يكون فاعلا بوئيدا مقدما عليه وإذا فقد تقدم الفاعل على المسند.
وأوله المانعون مطلقا من البصريين بجعل مشيها مبتدأ محذوف الخبر سدّ الحال مسده والتقدير «مشيها يظهر وئيدا».
وخرجه المانعون في الاختيار على أنه ضرورة والضرورة تتيح تقدم الفاعل كما مر في قوله : «وقلما وصل» وقيل إن مشيها بدل من الظرف المنتقل إليه بعد حذف الاستقرار وذلك أن ما استفهامية في محل رفع مبتدأ وللجمال خبره وهو جار ومجرور وفيه ضمير مستتر على الفاعلية عائد على ما وهذه التخريجات ضعيفة.
أما الأول فلأنه تخريج على شاذ لعدم استكمال شروط حذف الخبر الذي سدّ الحال مسده لفقدان في شرط عدم صلاحية الحال لأن تكون خبرا إذ هذه الحال تصلح لأن تكون خبرا لأنها حال من ضميره بخلاف الحال التي لا تصلح بأنها تكون من ضمير عائد على معمول المبتدأ أو معمول ما أضيف إليه المبتدأ نحو «ضربي العبد مسيئا وأتم تبييني الحق منوطا إلخ» فإن مسيئا حال من فاعل كان المحذوفة العائد على العبد ، العبد الذي هو مفعول المصدر الذي هو ضربي الواقع مبتدأ. وكذا منوطا ـ حال من فاعل كان المحذوفة العائد على الحق الذي هو معمول لتبييني الذي هو مضاف إلى أتمّ الذي هو مبتدأ. وأما الثاني فلأنه لا ضرورة في البيت إذ يمكن نصب مشيها على المصدرية والعامل يكون مقدرا «أي تمشي» أو جره على البدلية بدل اشتمال من الجمال كما ورد في الروايتين الأخريين هذا على أن الضرورة ما ليس للشاعر عنه مندوحة أما على أنها ما وقع في الشعر فيكون هذا التخريج سالما من الخدش.
وأما الثالث فلأن مشيها عليه إما بدل بعض أو بدل اشتمال وكلاهما لا بد فيه من ضمير يعود على المبدل منه لفظا أو تقديرا ولا ضمير هنا على أنه لو كان بدلا لاقترن بهمزة الاستفهام لأنه بدل من ـ