٣٢١٥ ـ كنّا إذا ما أتانا صارخ فزع |
|
كان الصّراخ له قرع الظّنابيب (١) |
يريد : كان بدل [الصراخ](٢) ، فحذف المضاف ، وأقام المصدر الثلاثي مقام المصدر الرباعي ، نحو (أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) [نوح : ١٧].
والصّريخ : القوم المستصرخون ، قال : [الكامل]
٣٢١٦ ـ قوم إذا سمعوا الصّريخ رأيتهم |
|
ما بين ملجم مهره أو سافع (٣) |
والصّريخ : أيضا : المعينون ، فهو من الأضداد ، وهو محتمل أن يكون [وصفا](٤) على «فعيل» كالخليط ، وأن يكون مصدرا في الأصل ، قال : (فَلا صَرِيخَ لَهُمْ) ، فهذا يحتمل ، وأن يكون فعيلا بمعنى المفعل ، أي : فلا مصرخ لهم ، أي : ناصر وتصرّخ تكلّف الصّراخ.
قوله : (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) يجوز في «ما» وجهان :
[أحدهما : أن يكون بمعنى الذي ، ثمّ في المراد بعد الموصول وجهان :](٥)
أحدهما : أنه الأصنام ، تقديره : بالصّنم الذي أشركتموني به ، أي : بالصنم الذي أطعتموني كما أطعتموه ، كذا قال أبو البقاء ، والعائد محذوف ، فقدره أبو البقاء : بما أشركتموني به ، ثم حذف يعني بعد حذف الجار ، ووصول الفعل إليه ، ولا حاجة إلى تقديره مجرورا بالياء ؛ لأن هذا الفعل متعدّ لواحد ، نحو : شركت زيدا ، فلما دخلت همزة الفعل أكسبته ثانيا ، هو العائد ، تقول : أشركت زيدا عمرا ، أي جعلته شريكا له.
الثاني : أنه الباري ـ تعالى ـ ، أي : بما أشركتموني به ، أي : بالله تعالى.
قال القرطبي (٦) : المعنى : أن إبليس قال : إني كفرت بالله الذي أشركتموني به من قبل كفركم ، أي : أنّ كفره كان قبل كفر أتباعه ، وتكون «ما» بمعنى «من» والكلام في العائد كما تقدّم ، إلا أن فيه إيقاع «ما» على العاقل والمشهور أنّها لغير العاقل.
قال الزمخشري (٧) : «ونحو «ما» هذه «ما» في قوله : «سبحان ما سخّركنّ لنا» ومعنى إشراكهم الشيطان بالله تعالى طاعتهم له فيما كان يزينه لهم من عبادة الأوثان».
قال أبو حيان (٨) : «ومن منع ذلك جعل سبحان هنا علما على معنى التّسبيح ، كما
__________________
(١) البيت لسلامة بن جندل. ينظر : الديوان (١٥) التهذيب (طنب) القرطبي ٥ / ٣٩١ ، اللسان والتاج (فزع) ، الكامل ١ / ٣ ، الدر المصون ٤ / ٢٦٤.
(٢) في أ : الإصراخ.
(٣) البيت لحميد بن ثور الهلالي ، ينظر : الديوان / ١١١ ، الكشاف ٤ / ٦٢٠ ، المغني ١ / ٦٣ ، ديوان الحماسة ١ / ٢٩ ، التصريح ٣ / ١٠٧ ، الأشموني ٣ / ١٠٧ ، الدر المصون ٤ / ٢٦٤.
(٤) في ب : وضع.
(٥) سقط من : أ.
(٦) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ٩ / ٢٣٥.
(٧) ينظر : الكشاف ٢ / ٥٥١.
(٨) ينظر : البحر المحيط ٥ / ٤٠٩.