والقانع : من يلجّ في السؤال فيرضى بما يأتيه ، كقوله : [الوافر]
٣٢٣٩ ـ لمال المرء يصلحه فيغني |
|
مفاقره أعفّ من القنوع (١) |
ورجل مقنّع : تقنّع به ؛ قال : [الطويل]
٣٢٤٠ ـ ........... |
|
شهودي على ليلى عدول مقانع (٢) |
ومعنى الآية : أنّ المعتاد فيمن شاهد البلاء أنّه يطرق رأسه عنه لئلا يراه ، فبين ـ تعالى ـ أنّ حالهم بخلاف هذا المعتاد ، وأنهم يرفعون رءوسهم.
والرّءوس : جمع رأس ، وهو مؤنّث ، ويجمع في القلّة على أرؤس ، وفي الكثرة على «رءوس» والأراس : العظيم الرأس ، ويعبر به عن الرّجل العظيم كالوجه ، والرّسّ مشتقّ من ذلك ورياس السّيف مقبضه ، وشاة رأسى : اسودّت رأسها.
قوله : (لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) في محل نصب على الحال من الضمير في : «مقنعي» ويجوز أن يكون بدلا من : «مقنعي» ، كذا قاله أبو البقاء ، يعني أنه يحل محله ، ويجوز أن يكون استئنافا ، والطرف في الأصل مصدر ، وأطلق على الفاعل ، كقولهم : «ما فيهم عين تطرف» ، والطّرف هنا : العين قال الشاعر : [الكامل]
٣٢٤١ ـ وأغضّ طرفي ما بدت لي جارتي |
|
حتّى يواري جارتي مأواها (٣) |
والطّرف : الجفن أيضا ، يقال : ما طبق طرفه ، أي : جفنه على الآخر ، والطّرف أيضا : تحريك الجفن.
ومعنى الآية : دوام ذلك الشّخوص.
قوله : (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) «يجوز أن يكون استئنافا ، وأن يكون حالا ، والعامل فيه إمّا «يرتدّ» وإمّا ما قبله من العوامل ، وأفرد : «هواء» ، وإن كان خبرا عن جمع ؛ لأنّه في معنى فارغة متجوفة ، ولو لم يقصد ذلك لقال : أهوية ليطابق الخبر مبتدأه».
والهواء : الخالي من الأجسام ويعبّر به عن الجبن ، يقال : جوفه هواء ، أي : فارغ ؛ قال زهير : [الوافر]
__________________
(١) البيت للشماخ. ينظر : ديوانه (٢٢١) ، مجاز القرآن ٢ / ٥١ ، المخصص ١٢ / ٢٨٧ ، الصاحبي (٢٦٣) ، التهذيب واللسان (قنع) فصيح ثعلب / ١٥ ، المفردات ٤٢٩ ، أحكام القرآن ٣ / ١٢٩٤ ، المسائل البصريات ١ / ٦١٣ ، الدر المصون ٤ / ٢٧٧.
(٢) عجز بيت لقيس بن الملوح وصدره :
وبايعت ليلى بالخلاء ولم يكن
ينظر : ديوانه (١٨٦) ، اللسان (قنع) جمهرة اللغة ص ٩٤٢ ، شرح المفصل ١ / ١٣ ، ٣ / ٥١ ، أمالي القالي ١ / ١٩٦ ، الكامل ١ / ٢٦٥ ، الراغب / ٦٢٤ ، ٦٢٥ ، معجم البلدان (القانع) ، الدر المصون ٤ / ٢٧٨.
(٣) البيت لعنترة. ينظر : ديوانه (٧٦) ، البحر المحيط ٥ / ٤١٩ ، تفسير القرطبي ٩ / ٣٧٧ ، روح المعاني ١٣ / ٢٤٦ ، الدر المصون ٤ / ٢٧٨.