٣٢٤٢ ـ كأنّ الرّجل منها فوق صعل |
|
من الظّلمان جؤجؤه هواء (١) |
وقال حسّان بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ : [الوافر]
٣٢٤٣ ـ ........... |
|
فأنت مجوّف نخب هواء (٢) |
النّخب : الذي أخذت نخبته أي : خياره ، ويقال : قلب فلان هواء : إذا كان جبانا للقوة في قلبه.
والمعنى : أنّ قلوب الكفار خالية يوم القيامة عن جميع الخواطر ، والأفكار لعظم ما نالهم من الحيرة لما تحقّقوه من العذاب ، وخالية من كلّ سرور لكثرة ما هم فيه من الحزن.
قوله : (وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ) قال أبو البقاء : (يَوْمَ يَأْتِيهِمُ) مفعول ثان ل : «أنذر» ، أي : خوفهم عذاب يوم ، وكذا قاله الزمخشريّ.
وفيه نظر ، إذ يؤول إلى قولك : أنذرهم عذاب يوم يأتيهم العذاب ، ولا حاجة إلى ذلك ، ولا جائز أن يكون ظرفا ؛ لأنّ ذلك اليوم لا إنذار فيه سواء قيل : إنه يوم القيامة ، أو يوم هلاكهم ، أو يوم تلقاهم الملائكة.
والألف واللام في : «العذاب» للمعهود السّابق ، أي : وأنذرهم يوم يأتيهم العذاب الذي تقدّم ذكره ، وهو شخوص الأبصار ، وكونهم مهطعين مقنعي رءوسهم.
فصل
حمل أبو مسلم قوله : (يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ) على أنه حال المعاينة ، لأنّ هذه الآية شبيهة بقوله تعالى : (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) [المنافقون : ١٠] ، وظاهر الآية يشهد بخلافه ؛ لأنه ـ تعالى ـ وصف اليوم بأن العذاب يأتيهم فيه ، وأنهم يسألون الرجعة ، ويقال لهم : (أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ)؟ ولا يليق ذلك إلا بيوم القيامة.
ثمّ حكى تعالى عنهم ما يقولون في ذلك اليوم : (فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) قال بعضهم : طلبوا الرجعة إلى الدنيا ليتلافوا ما فرّطوا فيه.
__________________
(١) ينظر : ديوانه (٩) ، شرح الديوان ٦٣ ، تفسير غريب القرآن ٢٣٤ ، القرطبي ٥ / ٤٠٩ ، الطبري ١٣ / ١٥٩ ، الكشاف ٢ / ٣٨٢ شواهد الكشاف / ٣١٧ ، الألوسي ١٣ / ٢٤٧ ، الكامل ١ / ١٩٥ ، المحرر الوجيز ٤ / ٥٦٠ ، الدر المصون ٤ / ٢٧٨.
(٢) عجز بيت وصدره :
ألا أبلغ أبا سفيان عني
ينظر : الديوان (٩) ، الكشاف ٢ / ٣٨٢ ، القرطبي ٥ / ٤٠٩ ، الألوسي ١٣ / ٢٤٧ ، مجاز القرآن ١ / ٣٤٤ ، الطبري ١٣ / ١٤٤ ، اللسان والتاج (هوى ، جوف) ، الدر المصون ٤ / ٢٧٨.