قيل : إنّ الملائكة لما كانوا في غاية الحسن اشتهر خبرهم.
وقيل : أخبرتهم امرأة لوط بذلك ؛ فذهبوا إلى دار لوط ؛ طلبا منهم لأولئك المرد.
فقال لهم لوط ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ : «هؤلاء ضيفي» وحق على الرجل إكرام ضيفه ، «فلا تفضحون» فيهم.
يقال : فضحه يفضحه فضحا ، وفضيحة ، إذا أظهر من أمره ما يلزمه به العار ، والفضيح والفضيحة : البيان ، والظّهور ، ومنه : فضيحة الصّبح ؛ قال الشاعر : [البسيط]
٣٢٨٢ ـ ولاح ضوء هلال اللّيل يفضحنا |
|
مثل القلامة قد قصّت من الظّفر (١) |
إلا أنّ الفضيحة اختصت بما هو عار على الإنسان عند ظهوره.
ومعنى الآية : أن الضيف يجب إكرامه ، فإذا قصدتموه بالسّوء كان ذلك إهانة بي ، ثمّ أكد ذلك بقوله : (وَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ) ولا تخجلون ، فأجابوه بقولهم : (أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ) ، أي عن أن تضيّف أحدا من العالمين.
وقيل : ألم ننهك أن تدخل الغرباء المدينة ؛ فإنا نركب منهم الفاحشة.
قوله : (هؤُلاءِ بَناتِي) يجوز فيه أوجه :
أحدها : أن يكون (هؤُلاءِ بَناتِي) مفعولا بفعل مقدر ، أي : تزوّجوا هؤلاء ، و «بناتي» بدل ، أو بيان.
الثاني : أن يكون (هؤُلاءِ بَناتِي) مبتدأ وخبرا ، ولا بدّ من شيء محذوف تتمّ به الفائدة، أي : فتزوّجوهنّ.
الثالث : أن يكون «هؤلاء» مبتدأ ، و «بناتي» بدل ، أو بيان والخبر محذوف ، أي : هنّ أطهر لكم كما جاء في نظيرتها.
وتقدّم الكلام على هذه المعاني في هود.
قوله (لَعَمْرُكَ) مبتدأ محذوف الخبر وجوبا ، ومثله : لا يمن الله ، و «إنّهم» ، وما في حيزه جواب القسم ، تقديره : لعمرك قسمي ، أو يميني إنهم ، والعمر والعمر بالفتح والضم هو البقاء ، إلا أنّهم التزموا الفتح في القسم.
قال الزجاج (٢) : لأنه أخفّ عليهم ، وهم يكثرون القسم ب «لعمري ولعمرك».
وله أحكام كثيرة :
منها : أنه متى اقترن بلام الابتداء ؛ ألزم فيه الرفع بالابتداء ، وحذف خبره لسد جواب القسم مسدّه.
__________________
(١) البيت لابن المعتز. ينظر : ديوانه ٢٤٧ ، البحر المحيط ٥ / ٤٤٣ ، الدر المصون ٤ / ٣٠٤.
(٢) ينظر : معاني القرآن للزجاج ٣ / ١٨٣.