تعدى إليها الفعل من غير واسطة ، على أنه قد جاء في الشّعر تعديته إليها ب «في» كقوله : [الطويل]
٣٢٨١ ـ فأصبح في حيث التقينا شريدهم |
|
طليق ومكتوف اليدين ومزعف (١) |
وزعم بعضهم أنها هنا ظرف زمان ، مستدلا بقوله : (بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) ثم قال (وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ) أي : في ذلك الزّمان.
وهو ضعيف ، ولو كان كما قال ، لكان التركيب وامضوا حيث أمرتم على أنه لو جاء التّركيب كذا لم يكن فيه دلالة.
قوله : (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ) ضمّن القضاء معنى الإيحاء ؛ فلذلك تعدّى تعديته ب «إلى» ، ومثله (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) [الإسراء : ٤].
و «ذلك الأمر» «ذلك» مفعول القضاء ، والإشارة به إلى ما وعد من إهلاك قومه ، و «الأمر» إمّا بدل منه ، أو عطف بيان له.
قوله : (أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ) العامة على فتح «أنّ» وفيها أوجه :
أحدها : أنها بدل من «ذلك» إذا قلنا : «الأمر» عطف بيان.
الثاني : أنّها بدل من «الأمر» سواء قلنا : إنه بيان أو بدل مما قبله.
الثالث : أنه على حذف الجار ، أي : بأنّ دابر ، ففيه الخلاف المشهور.
وقرأ زيد بن (٢) علي ، والأعمش بكسرها ؛ لأنه بمعنى القول.
وعلّله أبو حيان : بأنه لمّا علق ما هو بمعنى العلم ؛ كسر.
وفيه النظر المتقدم.
ويؤيّد إضمار القول قراءة ابن مسعود : وقلنا إنّ دابر هؤلاء.
ودابرهم : آخرهم «مقطوع» مستأصل ، يعني مستأصلون عن آخرهم ؛ حتى لا يبقى منهم أحد «مصبحين» ، أي في حال ظهور الصبح ، فهو حال من الضمير المستتر في : «مقطوع» ، وإنّما جمع حملا على المعنى ، وجعله الفرّاء ، وأبو عبيدة خبرا لكان المضمرة ، قالا : تقديره : إذا كانوا مصبحين ، نحو «أنت ماشيا أحسن منك راكبا».
وهو تكلف ، و «مصبحين» داخلين في الصّباح.
قوله : (وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ) ، أي : مدينة لوط ، يعني : «سدوم» «يستبشرون» حال ، أي : يستبشرون بأضياف لوط ، يبشر بعضهم بعضا في ركوب الفاحشة منهم.
__________________
(١) البيت للفرزدق. ينظر : ديوانه ٢ / ٢٩ ، الكتاب ٢ / ١٠ ، الخزانة ٥ / ٣٦ ، جمهرة أشعار العرب ص ٨٨٨ ، البحر المحيط ٥ / ٤٤٨ ، روح المعاني ١٤ / ٦٩ ، الدر المصون ٤ / ٣٠٣ ، ومزعف ، بفتح العين وكسرها : الصريع.
(٢) ينظر : الكشاف ٢ / ٥٨٤ ، والبحر ٥ / ٤٤٩ ، والدر المصون ٤ / ٣٠٣.