قال أبو بكر الأصمّ : إنّ ذلك الزوج كان قليل الغيرة ، فاكتفى منها بالاستغفار وقيل : إنّ الله ـ تعالى عزوجل ـ سلبه الغيرة لطفا بيوسف ، حتى كفى بادرته وحلم عنها.
قال الزمخشري (١) : «وإنما قال : (مِنَ الْخاطِئِينَ) ؛ تغليبا للذكور على الإناث» ويحتمل أن يقال : إنك من قبيل الخاطئين ، فمن ذلك القبيل جرى ذلك العرف فيك.
قال البغوي (٢) ـ رحمهالله ـ : تقديره : إنّك من القوم الخاطئين ، ولم يقصد به الخبر عن النّساء ؛ بل قصد الخبر عن كلّ من يفعل ذلك ؛ كقوله تعالى : (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) [التحريم: ١٢] ، بيانه قوله : (إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ).
قوله تعالى : «يوسف» ، منادى محذوف منه حرف النداء. قال الزمخشريّ : «لأنه منادى قريب مقاطن للحديث ، وفيه تقريب له ، وتلطيف بمحله» انتهى.
وكلّ منادي يجوز حذف حرف النّداء منه ، إلا الجلالة المعظمة ، واسم الجنس غالبا ، والمستغاث ، والمندوب ، واسم الإشارة عند البصريين (٣) ، وفي المضمر إذا نودي.
والجمهور على ضمّ فاء يوسف ـ عليه الصلاة والسلام ـ ؛ لكونه مفردا معرفة ، وقرأ الأعمش بفتحها (٤) ، وقيل لم تثبت هذه القراءة عنه ، وعلى تقدير ثبوتها ، فقال أبو البقاء (٥) : فيها وجهان :
أحدهما : أن يكون أخرجه على أصل المنادى ؛ كما جاء في الشّعر : [الخفيف]
٣٠٧٨ ـ ........... |
|
يا عديّا لقد وقتك الأواقي (٦) |
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٢ / ٤٦١.
(٢) ينظر : معالم التنزيل : ٢ / ٤٢٢.
(٣) قال ابن الحاجب في كافيته ١ / ١٥٥ النداء عند البصريين : «إنما لم يجز الحذف عند البصريين مع اسم الإشارة وإن كان متعرفا قبل النداء لأنه موضوع في الأصل لما يشار إليه للمخاطب ، وبين كون الاسم مشارا إليه ، وكونه منادى ، تنافر ظاهر ، فلما أخرج في النداء عن ذلك الأصل ، وجعل مخاطبا احتيج إلى علامة ظاهرة تدل على تغييره وجعله مخاطبا وهي حرف النداء ، أما المستغاث فللمبالغة في تنبيهه بإظهار حرف التنبيه لكون المستغاث له أمرا مهما وأما المندوب فلأنه منادى مجازا ويقصد فيه حقيقة التنبيه والإقبال كما في النداء المحض ، فلما نقل عن النداء إلى معنى آخر مع بقاء معنى النداء فيه مجازا لزم لفظ علم النداء تنبيها على الحقيقة المنقول هو فيه ، ولم تحذف من لفظ الجلالة لأنه لا يحذف الحرف منه إلّا مع إبدال الميمين في آخره نحو : اللهم ؛ وذلك لأن حق ما فيه اللام أن يتوصل إلى ندائه بأي أو باسم الإشارة فلما حذفت الوصلة مع هذه اللفظة لكثرة ندائها لم يحذف الحرف منه لئلا يكون إجحافا». وينظر : ١٧٣ ، ١٧٤ ، والمفصل ٢ / ١٥ ، ١٦.
(٤) ينظر : الدر المصون ٤ / ١٧١.
(٥) ينظر : الإملاء ٢ / ٥٢.
(٦) عجز بيت اختلف في نسبته فقيل هو للمهلهل بن أبي ليلى وقيل : لأخيه عدي وصدره : وضربت صدرها إلي وقالت: ....
ينظر : المقتضب ٤ / ٢١٤ والأغاني ١٤ / ١٤٧ وابن الشجري ٢ / ٢٩ والمنصف ١ / ١٢٨ وشرح ابن عقيل ٢ / ٢٦٣ والجمل للزجاجي ١٦٦ وابن يعيش ١٠ / ٨ والتبيان ٢ / ٧٢٩ وشذور الذهب ١١٢ وشواهد العيني ٤ / ٢١١ ولسان العرب والصحاح (وقى) وشرح شواهد المغني ٥ / ٧٥ والدر المصون ٤ / ١٧٢.