المحسودون).
ولعلّ ابن عباس يشير في كلامه هذا إلى قوله تعالى في سورة آل عمران : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ* ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٣٣ ـ ٣٤) أي إنّ بني هاشم من ذريّة من حسده إبليس لأنّ الله اصطفاهم ، وللذرية أسوة في ذلك بآبائهم.
وأخيرا جاش صدر الخليفة بالغيظ ولم يتحمل أقوال ابن عباس وقال له : (هيهات! أبت والله قلوبكم يا بني هاشم إلّا حسدا ما يحول ، وضغنا وغشا ما يزول).
فأجابه ابن عباس وقال : (مهلا يا أمير المؤمنين! لا تصف قلوب قوم أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا بالحسد والغشّ ؛ فإنّ قلب رسول الله (ص) من قلوب بني هاشم).
ونترك شرح كلمة الخليفة لما فيها من قسوة. أمّا كلمة ابن عباس فقد أشار فيها إلى قوله تعالى في سورة الأحزاب : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٣٣) ولمّا لم يستطع الخليفة أن يرد على ابن عباس قوله أمره بالابتعاد عنه وقال له: (إليك عني يا ابن عباس!) أي ابتعد عنّي ، ولمّا أطاع ابن عباس أمر الخليفة وأراد أن يقوم ؛ لان عليه الخليفة وختم الأمر بينهما بالحسنى ، واستمرت الخلافة القرشية كسائر قريش في كرهها لاستيلاء بني هاشم على الحكم. كما يظهر ذلك من المحاورة التي دارت بين الخليفة وابن عباس بعد موت عامل حمص حيث خاطب الخليفة ابن عباس بقوله :
يا ابن عباس! إن عامل حمص هلك ، وكان من أهل الخير ـ وأهل الخير قليل ـ وقد رجوت أن تكون منهم ، وفي نفسي منك شيء لم أره منك ،