مكة والمدينة (٣١).
وقد كانوا يلعنون عليّا على المنابر بمحضر من أهل بيته ، وقصصهم في ذلك كثيرة نكتفي منها بذكر واحدة أوردها ابن حجر (٣٢) في تطهير اللّسان ، وقال :
إنّ عمرا صعد المنبر فوقع في عليّ ، ثمّ فعل مثله المغيرة بن شعبة ، فقيل للحسن : اصعد المنبر لتردّ عليهما ، فامتنع إلّا أن يعطوه عهدا أنّهم يصدقوه إن قال حقّا ، ويكذبوه (٣٣) إن قال باطلا ، فأعطوه ذلك ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : أنشدك الله يا عمرو! يا مغيرة! أتعلمان أنّ رسول الله (ص) لعن السائق والقائد أحدهما فلان؟ قالا : بلى ، ثمّ قال : يا معاوية! ويا مغيرة! ألم تعلما أنّ النبي (ص) لعن عمرا بكل قافية قالها لعنة؟ قالا : اللهم بلى ...) الحديث.
ولمّا كان الناس لا يجلسون لاستماع خطبهم لما فيها من أحاديث لا يرتضونها ، خالفوا السنّة وقدّموا الخطبة على الصلاة. قال ابن حزم في المحلّى (٣٤).
أحدث بنو أمية تقديم الخطبة على الصلاة ، واعتلّوا بأنّ الناس كانوا إذا صلّوا تركوهم ، ولم يشهدوا الخطبة ، وذلك لأنّهم كانوا يلعنون علي بن أبي طالب (رض) فكان المسلمون يفرّون ، وحقّ لهم ذلك.
وقال اليعقوبي في تاريخه (٢ / ٢٢٣) :
__________________
(٣١) أوردتها ملخصة من معجم البلدان ٥ / ٣٨ ط. المصرية الأولى في لغة سجستان ، وهي من بلاد إيران.
(٣٢) في تطهير اللسان ص ٥٥ ، قال : وجاء بسند رجاله رجال الصحيح إلا واحدا فمختلف فيه لكن قواه الذهبى بقوله : إنّه أحد الاثبات ، وما فيه جرح أصلا ، ثم أورد الحديث.
(٣٣) كذا وردت في الأصل والصحيح يصدّقونه ... ويكذبونه.
(٣٤) المحلى لابن حزم تحقيق احمد محمد شاكر ٥ / ٨٥ ـ ٨٦ ؛ وراجع كتاب الأمّ للشافعي ١ / ٢٠٨