وفي هذه السنة ـ سنة ٤٤ ه ـ عمل معاوية المقصورة في المسجد وأخرج المنابر إلى المصلى في العيدين وخطب الخطبة قبل الصلاة ، وذلك أن الناس إذا صلوا ، انصرفوا لئلا يسمعوا لعن علي فقدم معاوية الخطبة قبل الصلاة ، ووهب فدكا لمروان بن الحكم ليغيظ بذلك آل رسول الله (ص).
وفي الصحيحين (٣٥) وغيرهما عن أبي سعيد الخدري قال :
خرجت مع مروان وهو أمير المدينة ـ في أضحى أو فطر ـ فلمّا أتينا المصلّى إذا منبر بناه كثير بن الصلت ، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلّي ، فجبذت بثوبه ، فجبذني ، فارتفع ، فخطب قبل الصلاة ، فقلت له : غيّرتم والله. فقال : يا أبا سعيد! قد ذهب ما تعلم. فقلت : ما أعلم والله خير ممّا لا أعلم ، فقال : إنّ الناس لم يكونوا يجلسون لما بعد الصلاة ، فجعلتها قبل الصلاة
وكانوا لا يكتفون بذلك ، بل يأمرون الصحابة به أيضا ، ففي صحيح مسلم (٣٦) وغيره عن سهل بن سعد : قال :
«استعمل على المدينة رجل من آل مروان ، فدعا سهل بن سعيد فأمره أن يشتم عليّا ، فأبى سهل ، فقال له : أمّا إذا أبيت فقل : لعن الله أبا التراب ، فقال سهل : ما كان لعليّ اسم أحبّ إليه من أبي التراب ، وإن كان ليفرح إذا دعي بها ، فقال له : أخبرنا عن قصّته ، لم سمّي أبا تراب؟ قال جاء رسول الله (ص) بيت فاطمة ، فلم يجد عليّا في البيت ، فقال : أين ابن عمّك؟».
__________________
(٣٥) البخاري ٢ ، ١١١ ومسلم ٣ / ٢٠ ، وسنن أبي داود ١ / ١٧٨ ؛ وابن ماجة ١ / ٣٨٦ ، والبيهقي ٣ / ٢٩٧ ، وفي مسند أحمد ٣ / ١٠ و ٢٠ و ٥٢ و ٥٤ و ٩٢ ، واسم المعترض على مروان في مسند أحمد غير أبي سعيد.
(٣٦) أوردته ملخصا عن صحيح مسلم ٧ / ١٢٤ باب مناقب علي ، وأورده البخاري محرفا في صحيحه باب مناقب علي ، وفي باب نوم الرجل في المسجد من كتاب الصلاة ٢ / ١٩٩ ، وفي إرشاد الساري ٦ / ١١٢ : أن هذا الوالي هو مروان بن الحكم ؛ وراجع البيهقي ٢ / ٤٤٦.