الوجدان إذ ليس لنا إلّا فرد معلوم النجاسة وآخر مشكوك النجاسة نظير الأقل والأكثر الاستقلاليين كما لو علم بنجاسة أحد الإناءين وشك في نجاسة الآخر أو ان المعلوم بالإجمال لما كان طبيعة مهملة صالحة للانطباق على كل واحد من الطرفين على البدل والمعلوم بالتفصيل طبيعة خاصة ولا ريب ان الطبيعة المهملة عين الطبيعة الخاصة في الخارج كان اتحاد المعلومين موجباً لامتناع اجتماع العلمين لأن المثلين كالضدين يمتنع اجتماعهما في محل واحد فيمتنع كون المعلوم بالتفصيل طرفا للمعلوم بالإجمال فلم يبق له إلا طرف واحد ويمتنع قيام العلم الإجمالي بطرف واحد فينقلب شكا (فان قلت) : إذا فرضنا أن أطراف الشبهة أكثر من اثنين فعند خروج المعلوم بالتفصيل عن كونه طرفا له يبقى له طرفان أو أكثر ويمكن حينئذ قيام العلم الإجمالي بها (قلت) : إذا فرضنا أن المعلوم بالتفصيل طرف للعلم الإجمالي بحيث يحتمل أن ينطبق عليه المعلوم بالإجمال امتنع قيام العلم الإجمالي فيما عداه من الأطراف ولو كان أكثر من واحد فان ذلك خلف لأن من خواص العلم الإجمالي أن لو عزل ما يساوي المعلوم بالإجمال انتفى في باقي الأطراف كما تقدمت إليه الإشارة وظاهر بأدنى تأمل «هذا» ولكن لا يخفى عدم تمامية كل من التقريبين (أما الأول) فلأن الوجدان حاكم بوجود علمين في محل الكلام بحيث يصح ان نخبر بأنا نعلم بنجاسة الإناء الفلاني ونعلم بنجاسة إناء زيد المردد بينه وبين الآخر (وأما الثاني) فلابتنائه على تعلق العلم بالأمور الخارجية لا الصور الذهنية إذ على الثاني تكون الصورة الحاكية عن المعلوم بالتفصيل غير الصورة الحاكية عن المعلوم بالإجمال فيكون موضوع أحد العلمين غير موضوع الآخر ، ولا يلزم اجتماع المثلين ، مع أن الشك في الطرف الآخر إنما كان ناشئاً من العلم الإجمالي فبقاؤه يدل على بقائه. فلا محيص الا عن أن يقال : ليس الانحلال في المقام حقيقياً بل حكمي بمعنى مجرد عدم ترتب أثر على العلم الإجمالي وفرض وجوده كعدمه ، والوجه فيه : أن المعلوم بالإجمال يمتنع أن يتنجز في المقام لا من قبل العلم التفصيليّ ولا من قبل العلم الإجمالي. أما من قبل الأول فواضح لعدم تعلقه به فكيف يصلح للمنجزية. وأما من قبل الثاني فلأنه وان تعلق به إلا أن المعلوم