لو وُجد في ذاك الزمان أو المكان ـ ولو دفعة ـ لما امتثل أصلا كان اللازم على المكلف إحراز أنه تركه بالمرة ولو بالأصل فلا يجوز الإتيان بشيء يشك معه في تركه إلا إذا كان مسبوقا به ليستصحب مع الإتيان به (نعم) لو كان بمعنى طلب ترك كل فرد منه على حدة لما وجب إلا ترك ما علم أنه فرد وحيث لم يعلم تعلق النهي إلا بما علم أنه مصداقه فأصالة البراءة في المصاديق المشتبهة محكمة ، فانقدح بذلك أن مجرد العلم بتحريم شيء لا يوجب لزوم الاجتناب عن أفراده المشتبهة فيما كان المطلوب بالنهي طلب ترك كل فرد على حدة أو كان الشيء مسبوقا بالترك وإلا لوجب الاجتناب عنها عقلا لتحصيل الفراغ قطعاً فكما يجب فيما علم وجوب شيء إحراز إتيانه إطاعة لأمره فكذلك يجب فيما علم حرمته إحراز تركه وعدم إتيانه امتثالا لنهيه غاية الأمر كما يحرز وجود الواجب بالأصل كذلك يحرز ترك الحرام به والفرد المشتبه
______________________________________________________
كان موضوع النهي فيه ملحوظاً بنحو الطبيعة السارية. هذا ولكن قد يقال : بأن صرف الوجود وإن كان عبارة عن صرف المفهوم الصالح للانطباق على القليل والكثير إلا أنه كما يكون في ظرف انطباقه على القليل عين القليل يكون في ظرف انطباقه على الكثير عين الكثير فالشك في فردية خارجي للطبيعة ملزوم للشك في اتساع دائرة التكليف بنحو يشمل ذلك الخارجي وضيقه فلا يخرج أصل التكليف عن كونه موضوعا للشك الموجب للرجوع فيه إلى أصالة البراءة. ومما ذكرنا يظهر لك الفرق بين المقام وبين الموارد التي يكون الشك فيها في المحصِّل فان المتحصل الواجب لما لم يكن عين المحصل في الخارج ، بل كان أجنبياً عنه فالشك فيه لا يكون شكا في التكليف ، بل الشك فيما يحصل الواجب يقيناً الموجب لتحصيل الفراغ عنه يقيناً بالاحتياط (١) (قوله : إذا كان بمعنى) يعني كان ملحوظاً بنحو صرف الوجود (٢) (قوله : مسبوقا به ليستصحب) يعني إذا كان مسبوقا بتركه بحيث يصدق عليه أنه تارك للخمر مثلا فانه يجوز له ارتكاب الفرد المشكوك لاستصحاب