زبيبا وشك في بقاء الحرمة المنوطة بالغليان شك أيضاً في بقاء الحلية المنوطة بعدم الغليان أعني المغيّاة بالغليان ، وكما انه يصح استصحاب الحرمة المذكورة يصح استصحاب الحلية المذكورة ولا تعارض بين الاستصحابين لعدم العلم بمخالفة أحدهما للواقع بل يجوز مطابقتهما معا للواقع وكيف يكون بينهما تعارض مع تلازم مؤداهما (فان قلت) : لا ريب في تضاد الحلية والحرمة وسائر الأحكام التكليفية كما سبق فكيف لا يكون استصحاب إحداهما معارضا لاستصحاب الأخرى (قلت) : التضاد إنما يكون بين الحل والحرمة المطلقين أو المشروطين بأمر واحد وجودي أو عدمي واما الحل المشروط بأمر وجودي والحرمة المشروطة بنقيضه أو العكس كما في المقام فلا تضاد بينهما ، ولذا ترى العنب دائما تثبت له حلية منوطة بعدم الغليان وحرمة منوطة بالغليان بلا تناف بينهما فلا تعارض بين استصحابيهما (هذا) ولكن يمكن إرجاع السؤال بنحو لا يتوجه الجواب عنه بما ذكر بأن يقال : لا ريب في ان الزبيب قبل الغليان حلال فعلا فإذا شككنا في ارتفاع حليته بالغليان فالمرجع استصحاب تلك الحلية الفعلية كما لو شككنا في ارتفاع حليته بمواجهة الشمس أو بالحرارة أو نحوها من محتمل الرافعية ، ومن المعلوم ان هذه الحلية بعد الغليان مضادة للحرمة على تقدير الغليان فيتعارض استصحابها مع استصحاب الحرمة المعلقة بل ومع استصحاب الحلية المغيّاة بالغليان عرضا (ويمكن) في الجواب ان يقال : الشك في ارتفاع الحلية بالغليان وبقائها ناشئ من الشك في بقاء الغليان على ما هو عليه من الخصوصية المقتضية للحرمة الرافعة للحلية وعدمه والأصل بقاؤه على ما كان فيترتب عليه اثره وهو ارتفاع الحلية وثبوت الحرمة كما أشرنا إلى ذلك في ذيل البحث عن الأحكام الوضعيّة ، وليست الخصوصية المذكورة الا كسائر الخصوصيات المأخوذة قيدا في موضوع الأحكام ولا استصحابها الا كاستصحابها فكما أنه لو قيل : إذا كان الإمام عادلا يجب الائتمام به وقبول شهادته ، وان كان فاسقا لا يجوز الائتمام به ولا قبول شهادته ، فشك في بقاء الإمام على عدالته أو فسقه يجوز استصحاب كونه على ما هو عليه من العدالة أو الفسق وترتيب أحكامهما