الموجودة بعد الشريعة اللاحقة على تقدير وجودهم قبلها (فان كان) الشك على النحو الأول وجب البناء على بقائه لا للاستصحاب بل لأصالة الجهة (وتوضيح) ذلك : ان النسخ على قسمين حقيقي وصوري (فالأوّل) كأن يعتقد المولى وجود مصلحة في الفعل فيوجبه على المكلف ثم ينكشف له الخطأ فيرفع وجوبه فهو نسخ للحكم بجميع مبادئه (والثاني) كأن يحكم على خلاف المصلحة الموجودة في الموضوع لمصلحة في نفس الحكم اقتضت جعله في وقت معين فإذا انقضى الوقت حكم على خلاف الحكم الأول مراعاة للمصلحة الموجودة في الموضوع واقعا ولا بد ان يكون الحكم الثاني قبل حضور وقت العمل فلا تبدل لمبادئ الحكم بل التبدل لنفس الحكم لا غير ، والشك في النسخ بالمعنى الأول ـ أعني النسخ الحقيقي ـ لا مرجع فيه إلا الاستصحاب (أما الشك) فيه بالمعنى الثاني الّذي هو النسخ الصوري فالمرجع فيه ظهور دليله في كونه حكما حقيقيا ناشئا عن مصلحة فيه. وهذا الظهور هو المعبر عنه في لسان بعضهم بأصالة الجهة التي تكون مرجعا في نفي احتمال كون الحكم صادراً عن تقية أو نحوها من الدواعي غير الراجعة إلى مصلحة في نفس الفعل. هذا ومن المعلوم أن النسخ في جميع الشرائع المقدسة لا يكون إلا من الثاني لاستحالة البداء على الشارع الأقدس كما تقدم في مبحث العام والخاصّ فلا يكون المرجع إلا أصالة الجهة المذكورة (فان قلت) : قد لا يكون الحكم مما تضمنه دليل كي يرجع في نفي احتمال نسخه إلى ظهوره بل يكون المثبت له هو العلم (قلت) : إذا كان الحكم معلوما على النحو المذكور في القسم الأول الّذي هو مفروض الكلام امتنع الشك في نسخه وإلا انقلب العلم جهلا كما لا يخفى (وان كان) الشك فيه على النحو الثاني فليس شكا في النسخ بل شك في أمد الحكم المجعول والمرجع فيه الاستصحاب التعليقي بناء على صحته فيجري بالنسبة إلى كل واحد من الموجودين بعد الشريعة اللاحقة فيقال : هذا المكلف كان بحيث لو وجد لوجب عليه كذا فهو إلى الآن على ما كان فلو وجد الآن لوجب عليه كذا (فان قلت) : المعلوم سابقا هو أنه لو وجد قبل الشريعة اللاحقة لوجب عليه كذا لا مطلقا (قلت) : هذا