الخبرين الصادرين صح إجراء أصالة السند فيهما بلحاظ ترتب هذا الأثر وإن لزم طرح أحدهما بلحاظ الترجيح من حيث الجهة ، وكذا الكلام سؤالا وجوابا بالنسبة إلى أصالة الجهة وأصالة الظهور. فلاحظ وتأمل (فان قلت) : كيف يصح الحكم بهذه المراتب الثلاث مع أن المقبولة قدمت رتبة الترجيح بموافقة الكتاب التي هي من المرجحات المضمونية على مخالفة العامة مع انها من مرجحات الجهة مع أن الأمر على ما ذكرت بالعكس (قلت) : الظاهر من المقبولة ان مخالفة العامة من المرجحات المضمونية لا الجهتية فلا يتم الإشكال ، ويشهد لما ذكرنا التعليل بان فيه الرشاد الدال على أن المخالف للعامة انما يؤخذ به لأنه أقرب إلى الواقع لا لأن الموافق فيه التقية لتكون من المرجحات الجهتية. مضافا إلى أنها تضمنت الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة بما أنها مرجح واحد الظاهر في انهما من سنخ واحد لا سنخين. (وبالجملة) : المحتمل بدواً في الترجيح بمخالفة العامة أمور ، (الأول) : أن يكون وجه الترجيح بها محض التعبد ، الثاني : أن يكون لمجرد حسن المخالفة ، (الثالث) : ان يكون لأجل أن المخالف اقرب إلى الواقع ، كما يظهر من رواية ابن أسباط : قلت للرضا عليهالسلام : يحدث الأمر لا أجد بدّاً من معرفته وليس في البلد الّذي أنا فيه أحد أستفتيه من مواليك فقال : ائت فقيه البلد واستفته في أمرك فإذا أفتاك بشيء فخذ بخلافه ، وأصرح منها خبر الأرّجاني : أتدري لم أمرتم بالاخذ بخلاف ما يقوله العامة؟ فقلت :
لا أدري ، فقال : ان عليا عليهالسلام لم يكن يدين الله بشيء إلا خالف عليه العامة إرادة لإبطال امره ، وكانوا يسألون عن الشيء الّذي لا يعلمونه فإذا أفتاهم بشيء جعلوا له ضدا من عندهم ليلبسوا على الناس. (الرابع) : أن يكون لأجل أن الموافق لهم صادر على نحو التقية ، ومن المعلوم أن الاحتمالين الأولين ساقطان لمخالفة الظاهر خصوصا الثاني ، لأن الأوامر المذكورة في الترجيح طريقية لا نفسية ولا غيرية ، وهو انما يتم على الثاني ، ولمخالفة النصوص فيتعين أحد الاحتمالين الأخيرين والظاهر أن المقبولة من قبيل رواية ابن أسباط تدل على أنها من المرجحات المضمونية لا الجهتية ، فتكون معارضة بما دل على كونها من المرجحات الجهتية ، مثل :