وقيل : إنّ الميزان هو واحد لا أكثر (١) ، والدليل على هذا القول بعض الروايات في هذا المجال (وسنعرض لها لاحقاً) وما صيغة الجمع (موازين) إلّالبيان عظمة الميزان حيث يعادل آلاف الموازين ، ولكن ـ وكما سنتطرق إلى ذلك ـ لا يوجد أي دليل على هذا التفسير الذي يخالف ظاهر الآية بل هناك عدّة أدّلة على تعدد الموازين.
وما يجب معرفته هنا ، هو أنّ ميزان القيامة هو كالموازين الدنيوية ، فلكل ميزان كفتان ولكن يختلف عنها بكبره وعظمته؟
وإذا كان الأمر كذلك فكيف توزن الأعمال وهي لا وزن لها؟
هناك عدّة آراء في هذا المجال :
فقيل : إنّ ما يوزن هو صحيفة الأعمال ، وقيل : إنّ الأعمال تتجسّم يوم القيامة. ويصبح لها وزن.
والخلاصة أنّ الذين يعتقدون بأن موازين القيامة تشبه موازين هذه الدنيا قد اجبروا على القول إنّ هناك نوعاً من الأوزان والاثقال حتى يمكن وزنها بمثل هذه الموازين.
ولكن القرآن يدلّل على أنّ المقصود بالميزان هو وسيلة لقياس الأوزان بمعناها العام وذلك لأننا نعلم أنّ لكل شيء وسيلة وزن تناسبه ، فمثلاً وسيلة قياس الحرارة يقال لها ميزان الحرارة أو المحرار ، ووسيلة قياس الهواء «ميزان الهواء» أو المحرار أيضاً.
وبناءً على ذلك فإنّ المراد ب (موازين الأعمال) الوسائل التي بها تقاس أعمال الأخيار والأشرار. وكما ينقل المرحوم العلّامة المجلسي عن الشيخ المفيد رحمهماالله : «أنّ أمير المؤمنين والائمّة من ذرّيته عليهمالسلام هم الموازين» (٢).
وقد نقل في (اصول الكافي ومعاني الأخبار) عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّ شخصاً سأل الإمام الصادق عليهالسلام عن معنى هذه الآية ، فقال : «هم الأنبياء والأوصياء» (٣).
__________________
(١) تفسير روح المعاني ، ج ١٧ ، ص ٥٠ ـ ٥١.
(٢) بحارالأنوار ، ج ٧ ، ص ٢٥٢.
(٣) تفسير البرهان ، ج ٣ ، ص ٦١ ؛ اصول الكافي ، ج ١ ، ص ٤١٩ وقد ورد نظير هذا الحديث في تفاسير اخرى.