امتياز كبير ودرجة رفيعة وقد وعدهم الله تعالى وعداً قاطعاً بدخول الجنّة ، كما ورد ذلك في قوله تعالى : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولئِكَ المُقَرَّبُونَ* فِى جَنَّاتِ النَّعِيمِ) (١). (الواقعة / ١٠ ـ ١٢)
هذا في حالة تفسير «السابقون» بمعنى السابقين إلى الإيمان ، لكن بعض المفسرين فسّروا «السابقون» بمعنى السابقين إلى طاعة الله (اطاعة أوامر الله) أو السابقين إلى الصلوات الخمس أو الجهاد ، أو الهجرة ، أو التوبة وأعمال البر ، لأنّ السابق إلى الخير إنّما يقتدى به في الخير وهو شاهد على المراد حتى على هذه الصورة.
وكذا الرجال السابقون المؤثرون المتوكلون على الله تعالى لهم الأحقية في السبق إلى جنات النعيم.
وقيل : «السابقون» ـ كما جاء في الروايات الإسلامية ـ (الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام) حيث كان أول القوم إسلاماً من الرجال وقيل إنّ السابقين هم (هابيل) و (مؤمن آل فرعون) و (حبيب النجار) و (الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام) حيث يمثل كل واحد منهم في عصره مصداقاً واضحاً للقدوة الحسنة في السبق إلى الإيمان والجهاد وأعمال الخير (٢).
وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ أول موهبة جعلها الله لهم هي موهبة القرب من الله تبارك وتعالى (أُولئِكَ المُقَربُونَ) والتي تفوق كل النعم العظيمة بما فيها جنات النعيم.
ومن المعلوم أنّ «جنات» تفي بالغرض من دون ذكر (النعيم) الذي هو جمع نعمة ، وإنّما ذكرها تعالى للتأكيد ، ولإعطائها أهميّة أكبر ، من هنا يمكن الإشارة إلى نكتة اخرى وهي أنّ الجنات موضع الرحمة والنعم الإلهيّة فقط وهي على خلاف البساتين الدنيوية التي يلزم إدارتها وصيانتها وحفظها جهود كبيرة إضافة إلى ذلك فإنّها معرضة للآفات والفناء والعدم.
* * *
__________________
(١). لقد ورد نفس هذا المعنى في الآية ٢١ من سورة الحديد وكذا الآية ١٣٣ من سورة آل عمران.
(٢). للاطلاع على هذه الأحاديث راجع كتاب احقاق الحق ، ج ٣ ، ص ١١٤ وج ١٥ ، ص ٣٤٥ ؛ وتفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٢٠٩ ، ح ١٨ ، ١٩ ، ٢٠ ، ٢١.