ونيّته ، وغالباً ما يستعمل هذا في مراحل بناء الإنسان لنفسه ، في حين أنّ (مخلَص) (بفتح اللام) يطلق على الذين بلغوا الدرجات العلى من الإيمان والمعرفة والعمل ، فهؤلاء خارجون عن وساوس الشيطان وأحابيله ، فلا سلطان للشيطان عليهم ، قال تعالى : (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ اجْمَعِينَ* إِلَّا عِبَادَكَ مِنهُمُ الُمخلَصِينَ). (ص / ٨٢ ـ ٨٣)
وفي الحقيقة أنّ أدران وجود الإنسان على قسمين : الأول يمكن تشخيصه وعلاجه ، والثاني لا يمكن ازالته وعلاجه إمّا لكونه مخفي عن الإنسان أو أنّه ظاهر وجلي ولكن لا قدرة له على ازالته ، فعندما يضع الإنسان قدمه في طريق الإخلاص ويعمل على تخليص نفسه من أدران القسم الأول والتي تقع ضمن استطاعته وقدرته فإنّ الله سبحانه وتعالى يخلصه ويزكيه بلطفه وكرمه من أدران القسم الثاني وحينئذٍ يليق لمقام الـ «مُخلَص».
والعجيب أنّ الله سبحانه وتعالى وهب لهذه المجموعة من المواهب والعطايا ما لم يَهَب غيرهم ، ومن جملتها الرزق المعلوم وهو رزق خاص لا يشبه رزق غيرهم فهؤلاء يتلذذون بلذة القرب من الذات الإلهيّة المقدّسة فالله تعالى أخلصهم لنفسه فلا يشاركه فيهم أحد حيث إنّ قلوبهم لم تتعلق بشي غيره تعالى فليس فيها إلّاالله سبحانه ، ولقد أشار تعالى إلى ذلك في قوله : (أُولَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ) ، ومن خواصهم كذلك بلوغهم مقاماً سامياً من العرفان فعباد الله المخلصين يصفونه تعالى وصفا يليق به أو بما يلقب به من الأوصاف ، لا كما يصفه الكفّار أو المشركون ، قال تعالى : (سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ* إِلَّا عِبَادَ اللهِ الُمخْلَصِينَ). (الصافات / ١٥٩ ـ ١٦٠)
وبهذا فإنّ معرفتهم بالله أعلى المعارف وأليقها ، وصيانتهم من الشيطان وهوى النفس أشد وجزاؤهم يوم القيامة أجزل وأوفر وهذا هو جزاء المخلَصين .. (اللهم اجعلنا من المخلَصين بحق محمد وآله الطاهرين).
* * *