الآية السالفة بـ (موضونة) وهي مشتقة من مادة (وَضْن) على وزن (وَزْن) وفي الأصل بمعنى (النسج) واطلاقه على نسج السرر استعارة يراد بها إحكام نسجه.
ومن هنا يمكن أن يكون هذا المعنى إشارة إلى أنّ الأسرّة منسوجة بنسج خاص من اللؤلؤ والياقوت والجواهر أو منسوجة من خيوط الذهب والفضة (أو منسوجة بقضبان الذهب مشبكة الدرر والجواهر) أو لأنّها مرتبة بترتيب خاص ، على اختلاف آراء المفسرين ، وقد وصفت في آيات اخرى بـ (مصفوفة) مثل : (مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصفُوفَةٍ). (الطور / ٢٠)
وقال في آيات اخرى «مرفوعة» : (فِيهَا سُرُرٌ مَّرفُوعَةٌ). (الغاشية / ١٣)
فلقد أشارت الآية الاولى إلى ترتيبها وتقاربها ، والثانية إلى علوها وارتفاعها.
ويشير ارتفاع سُرُر أهل الجنّة إلى علو مكانتهم وطهارتهم وقربهم أو أنّهم يشرفون من فوقها على مناظر الجنّة المحيطة بهم من كل جانب.
على أيّة حال ، فإنّ هذه السرر تكون بهيئة مجاميع حتى يبلغ أصحابها أنسهم وحسن عشرتهم وصفاء باطنهم ، كما جاء ذلك في موضعين من القرآن حيث ورد تعبير : (على سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ). (الحجر / ٤٧) (الصافات / ٤٤)
أي (يستمتع بعضهم بالنظر إلى وجوه بعض ولا يرى بعضهم قفا بعض).
والجدير بالذكر هو أنّ (سُرُراً) جمع (سرير) من مادة (سُرور) وكأن الجلوس على الأسرة عموماً وعلى أسرة الجنّة خصوصاً من عوامل النشاط والارتياح والسرور ، إضافة إلى أنّها متعلقة بمجالس الانس والسرور.
وفي مواضع اخرى عبر القرآن الكريم بتعبير آخر وهو (الأرائك) ، وورد هذا التعبير خمس مرات في القرآن فقال في موضع : (مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَآئِكِ). (الكهف / ٣١)
ولقد ورد نفس هذا التعبير بشي من الاختلاف في الآية : (فِى ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ). (يس / ٥٦)
وورد نفس هذا التعبير أيضاً في سورة الإنسان ، وقال تعالى في آيتين من سورة