فهذه الآيات أشارت إلى عدد من الأشربة «الطهور» في الجنّة :
الأول : الكافور ، وهو شراب خاص مهدىء ، حيث إنّ الكافور في اللغة له عدة معان :
منها الرائحة الطيبة ، ومنها مادة بيضاء اللون يضرب المثل في برودتها وبياضها ولها رائحة قوية خاصة مهدئة ، وهي تقابل الزنجبيل الحار وهو عبارة عن جذور بنية لها طعم ونكهة طيبة تضاف أحياناً إلى الأطعمة والأشربة.
وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ العرب يستخدمون نوعين من الشراب ولحالتين مختلفتين ، تارة : منشط ومقوي ، والاخرى : مضعف ومهدئ ، الأول يمزجونه مع الزنجبيل ، والثاني : مع الكافور.
ومن المعلوم أنّ حقائق العالم الآخر لا تستوعبها عقولنا ، لذا فلا حيلة لبيان هذه الحقائق إلّا أن نستخدم هذه الألفاظ بمفاهيم أوسع وأعلى.
وقال جمع من المفسرين أيضاً : إنّ الكافور : اسم عين ماء في الجنّة تشبه الكافور في صفارها وبياضها ورائحتها الطيبة وبرودتهاولكن ليس بطعمها ، (ولابدّ من الإشارة إلى أنّ الكافور المألوف هو نوع من الصمغ يستخرج من شجرة في جنوب الصين أو بلاد الهند وله استخدامات طبية).
إنّ التفسير الذي أشرنا إليه هو الأنسب وذلك لا نّ شراب الكافور يقابل شراب (الزنجبيل).
والجدير بالذكر أنّ القرآن يقول : إنّ هذا الشراب الزنجبيلي ينبع من عين في الجنّة اسمها (سلسبيل) ويعتقد الكثير أنّ هذه الكلمة مشتقة من (سَلاسَة) بمعنى الجُريان ، ويرى البعض أنّها مشتقة من (تسلسل) بمعنى الحركة المتتابعة والمستمرة وهي إشارة إلى أنّها سلسلة تتسلسل في الحلق.
وقيل : إنّ هذه الكلمة مركبة من كلمتين «سال» و «سبيل» بمعنى طلب الطريق وهذه إشارة إلى غاية سلاسته وعذوبته.
على أيّة حال ، يستفاد من مجموع التعابير أنّ عين السلسبيل فيها شراب في غاية اللذة والسلاسة.