وتحتفظ دائماً بحداثتها ، فالجنّة محيط منزه من كل كدر ، فلا وجود فيها حتى لميكروب واحد يفسد أطعمة أهلها وأشربتهم.
والجدير بالذكر أنّ ماء هذه الدنيا يتغير لونه وطعمه بمرور الزمان ، أمّا مياه أنهار الجنّة فهي تبقى على حالها ووضعها الأول صافية ، زلال مطهرة ، وكذلك الحال بالنسبة للبن ، ففي الدنيا يفسد سريعاً بعد برهة من الزمن فيتبدل طعمه إلى طعم حامض وهذه مقدمة لفساده وتلفه ، أمّا لبن الآخرة فهو لبن سائغ شرابه لذيذ لا يتغير طعمه ولا يعتريه عارض كالذي يصيب الألبان في الدنيا.
الخمر والشراب ، شراب غير مستساغ ولا لذّة فيه ويوصف بمرارة المذاق ورداءة الطعم فهو مذهب للعقل ، ومفسد للروح.
أمّا خمر أهل الجنّة فهو شراب لذيذ منعش يبعث في النفس النشاط والحيوية الرحمانية لا الشيطانية.
وعسل الدنيا تشوبه في الغالب الكثير من الكدورات والشوائب ، أمّا عسل الآخرة فهو عسل مصفى خالص بمعنى الكلمة ، ومن الجدير بالذكر : أنّ القرآن الكريم اعتبر العسل جزءً من المشروبات وحتى في سورة النحل والتي تتحدث عن (النحل) ذكره كشراب : (يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ الوَانُهُ). (النحل / ٦٩)
ولعل السبب في ذلك هو أنّ العسل إذا شرب كمشروب (شربت العسل) فيكون أكثر لذّة ومنفعة وحيوية.
ولقد أشارت آيات سورة الدهر والتي تعرضت لأنواع النعم التي وعدها الله سبحانه للأبرار من عباده إلى مجموعة اخرى من الاشربة قال تعالى : (انَّ الأَبرَارَ يَشرَبُونَ مِن كَأسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً* عَيْناً يَشرَبُ بِهَا عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً). (الدهر / ٥ ـ ٦)
وقال تعالى في نفس السورة : (وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً* عَيناً فِيهَا تُسَمَّى سَلسَبِيلاً). (الدهر / ١٧ ـ ١٨)
وقال تعالى في السورة ذاتها : (وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً). (الدهر / ٢١)