الجملة الثانية فهي إشارة إلى المواهب المعنوية بقرينة قوله تعالى : (دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ انِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ). (يونس / ١٠)
إنّ هذا التفسير يعتبر تفسيراً مناسباً ، حيث إنّ شهوة النفس تكون أكثر فيما يتعلق ب (المسائل المادية) ، أمّا الدعاء فيستعمل عادة في المسائل المعنوية.
ونقرأ تعبيراً آخر في قوله تعالى : (وَهُمْ فِى مَا اشْتَهَتْ انفُسُهُمْ خَالِدُونَ). (الأنبياء / ١٠٢)
وإضافة إلى ماذكرنا هناك آيات اخرى في هذا المجال :
فنجد في تعبير جديد : (لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ). (نحل / ٣١)
وكذلك ورد نفس هذا التعبير في سورة الفرقان الآية ١٦.
ويلاحظ هذا التعبير أيضاً (وبشيء من الاختلاف) في ثلاث سور اخرى من القرآن (الزمر / ٣٤ ، والشورى / ٢٢ ، وق / ٣٥).
ويتّضح من مجموع ماذكر في هذا الفصل ، أنّ العطاء الإلهي في الجنّة لا تحدّه أي حدود ، لا من حيث المقدار ، ولا الكيفية والنوع ، ولا الزمان والمكان ، وبناءً على ذلك فإنّ ما ذكر في الفصول الماضية إنّما هو عبارة عن نماذج واضحة لما يمكن أن يدركه أهل هذا العالم إجمالاً ، أمّا النعم التي هي فوق تصورنا وإدراكنا فقد أشارت إليها الآيات القرآنية المذكورة بعبارات أكثر شمولية وعمومية.
وفي الحقيقة أنّ الجنّة والعطاء الإلهي فيها ما هو إلّامظهر كامل من مظاهر القدرة واللطف الإلهي ، وبما أنّه لا نهاية لقدرته ولطفه تعالى .. فكذلك لا نهاية ولاحد لعطاياه ومواهبه في الجنّة.
* * *