نعم هذه هي الأصول المتّبعة في استقبال الضيف العزيز ، فأول الأمر تفتح الأبواب والمضّيفون ينتظرون على الباب ، وما يكاد يدخل حتّى يستقبلوه بالترحاب وهذه من اللذات المعنوية الثمينة.
«والخزَنة» : جمع (خازن) وهو بمعنى الحارس والمراقب ، والمقصود هنا هو الملائكة الذين يتولون المحافظة على الجنّة وتسيير شؤونها.
وفي المرحلة اللاحقة بعد دخول الجنّة يُؤمر ملائكة الله المقربون بالدخول عليهم من كل باب والترحيب بهم وتهنئتهم. ورد في قوله تعالى : (وَالمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ* سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقبَى الدَّارِ) (١). (الرعد / ٢٣ ـ ٢٤)
ويُفهم من الآية السابقة أنّ جموعاً من الملائكة يدخلون عليهم من كل باب ، مع الالتفات إلى أنّ كل باب من أبواب الجنّة مخصص لواحد من الأعمال الصالحة مثل : (باب الصلاة ، وباب الجهاد ، وباب الحج) فيتضح أنّ كل مجموعة من الملائكة تدخل عليهم لأجل واحد من الأعمال الصالحة التي أدوها في الدنيا ، والطريف في الأمر أنّ كل هذه الأعمال تتلخص في معنى الصبر بكل أنواعه : الصبر على الطاعة والصبر على المصيبة ، والصبر عن المعصية.
والأهم من كل ذلك التحية والسلام الصادر من الله إلى أهل الجنّة ، وهو سلام مقرون بالمحبّة ومليء باللطف والرحمة ، كما جاء في قوله تعالى : (سَلَامٌ قَولاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ) (٢). (يس / ٥٨)
هذا السلام وهذه التحية الإلهيّة التي تنفذ في أعماق النفس وتملؤها بالطاقة فتشد إليها نفوس أهل الجنّة بما فيها من لطف واحسان وتجعلها مستغرقة بالبهجة ، إنّها نعمة لا تضاهيها نعمة ، أجل ، إنّ سماع نداء المحبوب المنبعث من جوده ولطفه لَهُو أفضل من الدنيا وما فيها.
__________________
(١). هذه الجملة تقديرية ، وتقديرها هو : فنعم عاقبة الدنيا الجنّة.
(٢). قيل في إعراب هذه الجملة : «سلام» خبر «أنّ» «لهم» مقدّرة. و «قولاً» مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره : يقول قولاً ، وهناك آراء اخرى أيضاً في هذا الصدد. إلّاأنّ ما ذكرناه هو الأنسب.