قال تعالى في القرآن الكريم : (لَايَسْمَعُونَ فِيهَا لَغواً وَلَا تَأْثِيماً* إِلَّا قِيلاً سَلَاماً سَلَاماً). (الواقعة / ٢٥ ـ ٢٦)
فيُحيي بعضهم الآخر ، والملائكة أيضاً تسلّم عليهم ، والأهم من كل ذلك هو سلام الله عليهم وما تحمله تلك التحيات من المحبّة والاخلاص والصفاء ، أجل ، إنّ مجالس أهل الجنّة فوّاحة بالحب والمودّة ، وإذا توفّرت مثل هذه الأجواء في أي مكان فهو نموذج من الجنّة.
وجاء في موضع آخر من الكتاب المجيد : (لَايَسْمَعُونَ فيِهَا لَغْوَاً وَلَا كِذَّابَاً). (النبأ / ٣٥)
«اللغو» : في اللغة يعني الكلام الفارغ ، وبعبارة اخرى : الكلام الذي لا يتضمن أيّة أفكار أو معانٍ ، ويبدو أنّ الكلمة مأخوذة اصلاً من (لغا) وهو صوت زقزقة العصافير ، أمّا الضمير «فيها» : فقد أرجعه اغلب من فسر هذه الآية إلى أحد هذين الاحتمالين:
الأول : أنّه يرجع إلى كلمة الجنّة. الثاني : أنّه يرجع إلى كلمة الكأس التي وردت في الآية السابقة لها. فاذا كان الاحتمال الأول فالمعنى واضح. وإذا صح الاحتمال الثاني فيكون المعنى أنّ شراب أهل الجنّة لا يسكر ولايسبب فيه أي لغو.
لكن التفسير الأول أكثر انسجاماً مع معنى «فيها» والآيات الاخرى المشابهة ، وورد نفس هذا المعنى في آية اخرى أقصر وأكثر وضوحاً حيث يقول تعالى : (فِى جَنَّةٍ عَالِيَةٍ* لَاتَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيةً). (الغاشية / ١٠ ـ ١١)
هناك آيات قرآنية أخرى تؤكد على هذا المعنى منها (مريم / ٦٢) و (يونس / ١٠).
إضافة إلى ماذكر ، يتنعم أهل الجنّة بكثير من المتع المؤنسة ومجالس الفرح والبهجة والأحاديث المسلّية والمزاح اللطيف كما يصفهم القرآن : (إِنَّ اصْحَابَ الْجَنَّةِ اليَوْمَ فِى شُغُلٍ فَاكِهُونَ). (يس / ٥٥)
تعني كلمة «شُغُل» أية حادثة أو حالة تشغل الإنسان ، ولكنها هنا تفيد معنى الحالة المسلّية التي تبعث السرور ، وذلك بوجود قرينة «فاكهون» وهي جمع «فاكه» وتعني