الإلهي الأليم على من يكتم آيات الله بالقول : (وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيْهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ الِيمٌ). (البقرة / ١٧٤)
ويتحدث القرآن في موضع آخر عن نفس هذا الموضوع والعذاب الإلهي على من يشترون بعهد الله ثمناً قليلاً : (وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيْهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ الِيمٌ). (آل عمران / ٧٧)
نعم ، إنَّهم محرومون من لذّة التكلم مع الله ونظرة رحمته ولطفه ، ولذلك فهم لا يطهرون ، ولما كانت الجنّة مأوى الأطهار فهم يبقون في جهنّم يذوقون أليم عذابها.
ونستفيد من هاتين الآيتين أنّ هذه النعم والهبات سوف يخص بها الله سبحانه وتعالى المؤمنين وأصحاب الجنّة ، وسوف يكلمهم بلطف ، ولهم نفس المنزلة التي أولاها لأنبيائه في هذه الدنيا ، فالتذوا واستأنسوا بما وهبهم الله سبحانه وتعالى ، وأيّة لذّة أعظم وأحسن من هذه اللذّة؟ فبالإضافة التي نعمة الحديث معهم ، فإنّ الله ينظر إليهم نظرة لطف خاص ، وآية موهبة أعظم من هذه الموهبة؟ حيث ينظر المحب نظرة لطف ومحبّة إلى محبوبه الصادق العاشق الولهان؟!
ومن البديهي أنّ الكلام لا يكون باللسان ، ولا النظر يكون بالعين ، فالله سبحانه أجل من الجسم والجسمانية.
ربّما يحصل أحياناً أن يغضب الأب على إبنه فلا يكلّمه ولا ينظر إليه ، وإذا كان الابن واعياً فهو يعتبر هذا التجاهل من أبيه تجاهه أكبر عذاب نفسي له ، أمّا في حالة الرضا عنه فهو يجلس معه وينظر إلى قوامه ويحادثه بانشراح ومحبّة وهذا من دواعي فخر الابن وسعادته.
هذا في عالم المادّة والجسم والصورة ، ونفس هذه القضيّة تحدث بمقياس أسمى في عالم المعنى بين المولى الحقيقي وعباده.
وذكرت سورة القيامة لذّة النظر إلى الجمال الذي لا مثيل له للمحبوب الحقيقي : (وُجُوهٌ يَومَئِذٍ نَّاضِرَةٌ* الَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) (القيامة / ٢٢ ـ ٢٣)